تحقيق: سياسية البرنامج الوطني للتخييم لا تتماشى مع الاهتمام الملكي

® ايكون بريس: تحقيق من إنجاز عبد الإله بوزيد //

اختتمت المرحلة الأولى لفعاليات ” عطلة للجميع” التي انطلقت في إطار البرنامج الوطني الخاص بالتخييم، وهو برنامج وطني : اجتماعي، تثقيفي، تربوي، ترفيهي خاص بالتخييم الصيفي ، منذ تأسيسه كان يتوخى توسيع تعميم الاستفادة من العطلة الصيفية للطفولة المغربية، ثم بعدها لليافعين والشباب من مختلف المستويات المجتمعية،                                                                        
هذا البرنامج الوطني الذي يحضا برعاية ملكية وبحضور الأسرة الملكية، تغيرت أرضيته ومخططه على توالي السنوات وأصبح هذا العام مستهدفا مثل ما عرفته العديد من برامج التنمية الوطنية.

ما الذي تحتاجه البلاد من تخليصها من المسؤولين الذين يستعملون السلطة من أجل تنمية أغراضهم الشخصية؟ والحزبية؟
المغرب تقوده سياسة ستائر الدخان لتغطية شاشات الدخان التي تغطي شاشات الدخان. قطاع الطفولة تقوده الحكومة برؤية نشاط للشباب والأطفال وليس برؤية سياسية اقتصادية اجتماعية وباستراتيجية للتنمية الوطنية.

البرنامج الوطني للتخييم الذي تصل ميزانيته بالملايير، أصبح مناسبة موسمية للاسترزاق والاستفادة الشخصية من المال العام.

الجامعة الوطنية للتخييم للطفولة المغربية تحاصرها الاتهامات تتعلق بالتدبير المالي والشبهات في الصفقات،

الجامعة الوطنية للتخييم للطفولة المغربية تحاصرها الاتهامات تتعلق بالتدبير المالي والشبهات في الصفقات،

للتذكير لعل الذكرى تنفع المسؤولين 

انطلاق هذا المخطط الوطني كان في بداية سنة 2002 في ولاية السيد لكصح كاتب الدولة في الشباب لدى الوزير الأول (جطو)، في لقاء دراسي نُظم بمدينة مكناس بحضور الجمعيات المهتمة بالتخييم، 55 جمعية منضوية في اتحاد المنظمات التربوية المغربية، و 3 منظمات مُكونة للجامعة الملكية للكشفية، ومن أهم مكتسبات هذا اللقاء: استجابة كاتب الدولة لإحدى التوصيات الخاصة برفع عدد المستفيدين من نشاط التخييم، الذي كان 49 ألف ( 24 ممنوحة مباشرة من الوزارة و25 كانت خاصة بالشركات كالسكك الحديدية والأبناك وغيرها) وبقرار وزاري أرتفع العدد إلى 100 ألف كلها ممنوحة من الوزارة، بعد التصريح الحكومي الذي أشار إلى رفع العدد ب 50 ألف كل سنة.
وبعد 3 سنوات ارتفع العدد إلى 200 ألف، كلها ممنوحة من طرف كتابة الدولة للشباب، وبهذه المناسبة حضي هذا القطاع بالرعاية السامية الملكية ، ولأول مرة أصبح ينظم الحفل الختامي لبرنامج “عطلة للجميع”، يحضره الأطفال المشاركون في المرحلة الرابعة، وفي سنة 2002 اختتم البرنامج بتنظيم حفل بمخيم: رأس الما ( بالساحة الكبرى ) تحت الحضور الفعلي للأمير مولاي رشيد. وفي سنة 2003 ترأس هذا الحفل عاهل البلاد بمدينة إفران بالمركب الرياضي وبحضور كل الأطفال المستفيدين من مخيم الأطلس في مرحلته الرابعة.
أما سنة 2004 ترأست هذا الحفل الأميرة للا حسناء بملعب مرشان بطنجة بحضور كل المستفيدين من جهة الشمال.

ومع هذا الاهتمام الملكي ارتفعت وتيرة الجهود العملية سواء من الوزارة أو القطاعات المشاركة أو الجمعيات المعنية بالأمر. وتم توسيع البنيات التحتية منها المنشآت الخاصة بالاستقبال للتخييم وكذا تهييء الفضاءات الخاصة بالتنشيط التربوي، نذكر منها: الهرهورة بضاحية الرباط -الحوزية بالجديدة-تاغازوت بضاحية أكادير- الأطلس المتوسط بإفران. أيضا وفي إطار هذه المجهودات تم إحداث وبناء فضاءات جديدة بمواصفات حديثة، نذكر منها: الصويرية والبدّوزة بضاحية آسفي – سيدي الطيبي بين سلا والقنيطرة- بوزنيقة الوطني- فاس المرجة- المهدية بالقنيطرة.
ولتقوية هذا البرنامج الاجتماعي الذي أصبحت له أهمية كبرى في اختصاصات الوزارة تم إحداث: “الهيئة الوطنية للتخييم” تعمل تحت إشراف مباشر من كاتب الدولة، ( تضم كل مُكوّنات ميدان التخييم من جمعيات ومؤسسات ) وجاء هذا بقرار وزاري، ومن مسؤولياتها هي التنسيق ومتابعة كل العمليات المتعلقة بالتخييم: التداريب، سلسة التكوين، مناهج التخييم، اجتماعات ممثلي الهيئة الوطنية لتحديد البرامج، إلى غير ذلك.
لم ينحصر العمل بالجهود في هذا الورش بل كانت أيضا جهود في الاقتراحات ومن المقترحات الإيجابية التي طرحتها الهيئة مع أطر الوزارة هي توسيع العمل والتنسيق مع قطاعات حكومية أخرى، وإشراك مسؤولي السلطات الإدارية في الجهات والأقاليم لتفعيل سياسة القرب بإنشاء مراكز تخييم جهوية، لتسهيل استفادة أطفال وشباب الأقاليم من مراكز قريبة .
كل هذا الورش الضخم الذي انطلق كما أشرنا منذ 2002 لم يكن يحض بميزانية ضخمة ( كما هو الحال اليوم بالملايير) بل كانت كتابة الدولة في الشباب وبتنسيق مع الوزارة الأولى تلجأ للدعم المالي من صندوق المقاصة في غياب ميزانية قارة لتمويل البرنامج الوطني.

سياسية التخييم لا تتماشى مع الاهتمام الملكي

بالنظر إلى برنامج “عطلة للجميع” الذي أعلن عنه السيد الطالبي العلمي وزير الشباب والرياضة في الأيام الماضية عبر قنوات التلفزة ، والذي يصادف هذه السنة الذكرى المائوية للنشاط التخييمي بالمملكة، أشار وأكد أن البرنامج الوطني لهذا العام (02 يوليوز و 03 شتنبر  ) برنامج متكامل بامتياز من خلال انخراط وزارة الشباب والرياضة في أوراش هيكلية على مستوى البنيات التحتية والتجهيزات التخييمية ليساير الرؤية والسياسة الملكية .
إلا أن الواقع يتكلم بالأرقام والحقائق عكس هذا الكلام، الواقع يؤكد أن سياسة الوزارة حاليا لا تتماشى مع الرؤية والسياسة الملكية.

ومن المقاربات في هذا الإطار نسجل أن السياسة الحالية هي امتداد لسياسة الوزير السابق منصف بلخياط رفيق الوزير الحالي الطالبي العلمي في المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار. السيد منصف بلخياط في ظرف سنة ونصف دمّـر قطاع الرياضة وقطاع الشباب وقطاع الطفولة، ثم لما جاء الوزير الحركي أوزين لم يهتم بهذا القطاع لأنه انشغل مع كرة القدم ومشاريع التجهيز التي بها ميزانية ضخمة يعلم المغاربة تبعيتها التي أدّت إلى تدخل الملك وقرار إعفاء الوزير.
السيد منصف بلخياط من واحدة من قراراته التي كانت ستدمّر هذا النشاط التخييمي هي حلّ “الهيئة الوطنية للتخييم” لو لم يستدرك أعضاء الهيئة بمبادرتهم إلى تأسيس “الجامعة الوطنية للتخييم” بناء على ظهير الحريات العامة الخاص بتأسيس الجمعيات وبذلك شكلوا ( الجامعة ) قوة ضاغطة في هذا الجانب فرضت وجودها مع توالي تطورات مجال التخييم وأصبحت فيما بعد شريكا أساسيا في المجال تتباين مواقفها فيما هو إيجابي وسلبي ( المد والجزر ) .
مقابل هذا الحال تقلصت الفضاءات بل منها من عرف الإغلاق النهائي، نذكر منها: المهدية – تاغازوت – المركز الدولي – سيدي فارس بمنطقة الحوز – والسطيحات – الانبعات بأكادير مغلوق كليا – إلى غير ذلك، فقط أضيف فضاء واحد بتاونات بجماعة بني وليد التي يرأسها الوزير عبّـو ( من حزب الأحرار أيضا). ورغم هذه الوضعية الآن يُمجد الوزير الطالبي العلمي أو السيدة الكاتبة العامة باعتبارها المسؤولة المباشرة على التخييم، بفضاء السعيدية الذي يصفونه ب ” الجيل الجديد” بعد إعادة تأهيله، لكن كيف هذا التأهيل ؟ لقد تم قطع جميع الأشجار التي كانت في هذا الفضاء الطبيعي، نعم قطع الأشجار في المغرب الذي نظم المؤتمر التاريخي ( كوب 22) للبيئة. وأصبح فضاء السعيدية للتخييم عبارة عن ثكنة عسكرية، لا يتوفر على مكان التجمعات للوحدات المخيّمة، أما الفضاء الذي تم تأهيله: سيدي الطيبي-الحاجب- إيموزار-أركمان بالناظور. فهو يضم ” شاليات ” خشبية من النوع الردئ، لا تراعي المعايير الخاصة بوحدة التخييم، حيث كل ” شالي “المفروض أن يأوي فريقا من 10 أطفال + المدرب، لكن حاليا ” شاليات” ضيـّقة تتسع ل 6 أطفال مع المدرب، مما يضطر المدرب إلى تقسيم فريقه إلى وحدتين .

وبالإضافة لهذا المشهد تقلصت العديد من المخيمات في الحمولة الاستيعابية، حيث لم تعد فضاءات القطاع في حمولتها الإجمالية ولمدة 5 مراحل تتجاوز 99 ألف مستفيد، نعم في 5 مراحل أليس هذا تراجع فاضح؟

تقليص المرحلة و التراجع في مستوى إعداد وتأهيل الجمعيات :

تراجع آخر نوضحه للسيد الوزير، يتجلى في تقليص أيام مرحلة التخييم، سابقا كانت المرحلة تمتد لمدة 15 يوما وعدد المراحل 4، وفي البرنامج الحالي تقلصت أيام المرحلة إلى 12 يوما فقط لإضافة مرحلة خامسة .

للتذكير نشاط التخييم كان انطلق على قواعد تسمّى ” العمل المباشر” ، وبعد تنظيم المناظرة 1 و2 و3و 4 و5 وكذا لقاءات التقييم التخييمي سنويا (بعد نهاية المرحلة الصيفية) التي كانت تناقش النهوض بقطاع التخييم، والتي شارك فيها مختلف الفاعلين، صادق الجميع على الانتقال إلى مرحلة أخرى وتطبيق “التدبير المشترك” بين الوزارة والجمعيات المؤهلة وذلك تمهيدا للانتقال إلى مرحلة ” التدبير الذاتي ” من طرف الجمعيات تحت إشراف ومراقبة الوزارة، وهكذا في سلسلة التكوين تم إضافة تدريب وتكوين “مقتصد المخيم- l’économe ” في برامج تكوين مؤطري المخيمات . وكان الهدف من هذه الخطة التي صادقت عليها المناظرات هو إعطاء الصلاحيات للجمعيات لتنظيم المخيمات الخاصة بها سواء الوطنية أو الجهوية تحت مراقبة القطاع الوصي.
في هذا الإطار كانت القيمة المالية للتغذية 10 دراهم في اليوم للطفل: ( فطور-غذاء- وجبة العشية- ثم العشاء) ومع تطوير النشاط كما ذكرنا في أول هذا التحقيق ارتفعت القيمة إلى 25 درهم، في سنة 2006 ، وكانت كل نيابة جهوية بمشاركة الجمعيات المستفيدة تتحمل مسؤولية التدبير والإشراف على التغذية ( التحضير والطبخ) بتشغيل اليد العاملة خلال التخييم، تحت إشراف قيادة المخيم والطاقم الطبي المشرف على فضاء أو مركز المخيم.

مرحبا بيك معنا السيد الوزير: مهزلة هذه هي وجبة الغذاء من مخيم سيدي إفني جهة كلميم وادنون

مرحبا بيك معنا السيد الوزير: مهزلة هذه هي وجبة الغذاء من مخيم سيدي إفني جهة كلميم وادنون

أما اليوم في ” البرنامج الوطني عطلة للجميع ” نسجل اعتماد الوزارة على ( Traiteur ) لإعفاء الجمعيات من هذه المسؤولية، والتركيز على الجانب التنشيطي والتربوي، إدن تم إلغاء منصب ” المقتصد” واليد العاملة .
و بالرغم من أن هذا الاختيار به إيجابيات، فهو غير خالي من الشبهات والشكوك، خاصة في عملية الصفقات مع ( Traiteur ) لكل مندوبية أو جهة، حيث اعتمدت الوزارة التعاقد مع الأقل ثمنا في تكلفة الوجبة الغذائية اليومية، ونجد حاليا أن أغلب الفضاءات والمراكز تتوصل بوجبة قيمتها ما بين 20 و 25 درهم حسب المنطقة، وحسب ما أسفرت عنه الصفقات المفتوحة في مختلف المديريات الإقليمية، فمراكز 5 نجوم كما يسميها الجمعيات وجبتها الغذائية 25 درهم .
هذا الثمن بصفة عامة هو خالي من هامش وسائل الطبخ ( الغاز- اليد العالمة-مواد الطبخ) وهو الذي تشمله المنحة العامة التي تخصصها الوزارة للمخيم، السؤال من يستفيد من هذا الهامش المالي؟

دير يديك معانا السي الوزير : خيزو ب (la dinde) وجبة غذاء بمخيم الحوزية ... المرحلة2

دير يديك معانا السي الوزير : خيزو ب (la dinde) وجبة غداء لسبعة أطفال رفقة مؤطرهم بمخيم الحوزية … المرحلة 2

ملاحظة أخرى نكتشفها ونقدمها للسيد الوزير للتأمل: ما هي الاستفادة الغذائية للطفل من قيمة 25 درهم في اليوم، ونحشم أن نقول 20 درهم.
كم هو هامش الربح بالنسبة ل ( Traiteur ) الذي يؤدي ضريبة القيمة المضافة ( TVA ) ومصاريف مختلفة لتهييء الوجبة الغذائية؟، حسابيا في النهاية نجد أن قيمة الوجبة تتراوح بين 12 درهم (فطور غذاء – وجبة العشية- والعشاء).
الواضح أن هذا غير عادي والواضح أن اختيار “أقل ثمن ” على حساب ” أحسن وجبة” غير عادي أيضا، وهذا الاختيار يوجد في قطاع اجتماعي يوليه الملك اهتماما خاصا ورعاية شاملة.

كيف تصبح مديرا في 6 أيام

تكوين الأطر الخاصة المشرفة على التخييم من القواعد الأساسية في هذا القطاع ، ويخضع المدرب لاجتياز عدة مراحل: المرحلة التحضيرية / المرحلة التجريبية/ مرحلة التدريب التكويني / مرحلة إثبات الصلاحية/ الدبلوم.
بالنسبة للمدير: بالإضافة لدبلوم مدرب/ تدريب اختصاص/ تدريب المدير/ المرحلة التطبيقية/ الدبلوم.
تمتد مدة التكوين 9 أيام طبقا للقرار المنظم، خلالها يتلقى المدرب دروسا في: الورشات – في العروض – وغير ذلك من الدروس.
أما اليوم في البرنامج الوطني ” عطلة للجميع” الذي أعلن عنه السيد الطالبي العلمي وزير الشباب والرياضة، تقلصت مدة التكوين وأصبح تفريخ المدربين ومدير التخييم في 6 أيام فقط ، هذه المدة القصيرة تؤدي إلى تكديس مواد التدريس وتؤدي إلى عدم الاستفادة الجدية والتحصيل الجاد، لكن مخطط السيد الوزير وهدفه هو تضخيم ونفخ الأرقام، حيث الثلاثة 3 أيام الناقصة يتم إضافتها ل 3 أيام أخرى لخلق تدريب إضافي وهكذا ترتفع أعداد المستفيدين، ولا يهم مستوى التكوين.

صرخة استنكار ضد الإقصاء واحتقار أبناء الشعب

إذا كانت الوزارة تعمدت في هذا العام الاشتغال في سرية تامة للإشراف على البرنامج الوطني، حتى تقدم هذا النموذج من “عطلة للجميع” لأبناء الشعب المغربي، فإن مع انطلاق البرنامج الوطني خرجت أصوات من المهتمين والمختصين والمتتبعين لقطاع التخييم، تستنكر وتعبر عن غضبها ، وكان أول المحتجين، جامعة الجمعيات المحلية للتخييم التي أصدرت بيانا هاجمت فيه الوزير الطالبي العلمي، وزير الشباب والرياضة، بسبب ما وصفته بـ”الإقصاء”. وحمّلته مسؤولية الاختلالات التي وردت في العرض الوطني للتخييم 2018،.

.. لا يا سيدي الوزير، هل تعرف ما هو الاستخفاف بأطفال الشعب؟ لا يستحقون تغذية كاملة؟ لا يستحقون أطرا في المستوى الدولي تشرف على تربيتهم وتنشيطهم ؟ لا يستحقون عطلة صيفية كما يرغبها لهم ملك البلاد؟

 مرحبًا بك في موقعنا الإخباري المثير  " أيقونة بريس" ، حيث يتلاقى الحدث بالتحليل، والتقارير بالشغف. نحن هنا على مدار الساعة، جاهزون لنقدم لك أحدث الأخبار الوطنية والدولية، وليس فقط ذلك، بل نغوص أيضًا في عوالم الرياضة، الثقافة، والاقتصاد.

فريقنا المكون من صحفيين محنكين ليسوا فقط خبراء في مجال الإعلام، بل هم أيضًا روّاد في فن السرد. نحن نقوم بتحليل القضايا بشكل شيق ومثير، لنقدم لك تفاصيل لا تجدها في أماكن أخرى.