قرار مجلس الأمن: الحكم الذاتي المغربي الإطار الوحيد لحل نزاع الصحراء
© أيقونة : عبد الاله بوزيد //
2025/11/02
لطالما ظل ملف الصحراء يُراوح مكانه بين خيارين متنافسين، لكن قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2797 الصادر في 31 أكتوبر، يفتح فصلاً جديداً يُلغي الماضي ويُكرس حقيقة سياسية وقانونية جديدة. لم يعد الأمر مجرد حديث عن خيارات متعددة، بل هي إرادة دولية جامحة تكرس مقترح الحكم الذاتي المغربي كطريق وحيد لا مناص منه. فماذا يعني هذا التحول الدبلوماسي والعياري الجذري؟
قرار مجلس الأمن ليس مجرد “تجديد روتيني”، بل هو نص تأسيسي يضع مخطط الحكم الذاتي للمغرب كـ”أساس صلب” و”نقطة لا رجعة فيها”.
هنا في هذا التقرير نكشف ما وراء الأوصاف اللغوية السبعة المتضمنة في قرار مجلس الأمن والتي حسمت الجدل وقلبت الطاولة على كل البدائل.
قفزة نوعية في مسار الحكم الذاتي المغربي
تكريس الحكم الذاتي المغربي: الأساس القانوني الوحيد
لقد تجاوز قرار مجلس الأمن 2797 نهج التساوي بين الخيارات الذي ساد في قرار عام 2024. فبدلاً من مجرد الإحاطة أو الإشارة العابرة، فإن القرار الجديد يذهب إلى أبعد من ذلك بكثير،
حيث يُكرس مخطط الحكم الذاتي المغربي كـ”إطار سياسي وحيد للمفاوضات”. هذا التكريس يُعطي للمخطط الشرعية المعيارية ويُحوله من مجرد “مقترح” إلى “الأساس القانوني الوحيد والمركزي” للعملية السياسية.
هذا التقدم الكبير يهدف إلى استبعاد نهائي لأي بديل آخر كان مطروحاً، وفي مقدمتها خيار الاستفتاء.
لغة الإقرار: إن الأوصاف التي ربط بها القرار خيار الحكم الذاتي ليست مجرد كلمات، بل هي مُحدّدات قانونية صارمة: الحكم الذاتي هو “أساس” (المرتكز المتين)، وهو الخيار “العادل والدائم والمقبول” (خيار منصف ثابت لا يزول)، و”الأكثر جدوى” (الأكثر فائدة ومنفعة لكل الأطراف).
استبعاد البدائل والتأثير الدلالي في القانون الدولي
يحمل القرار ذكاءً سياسياً وقانونياً لافتاً في صياغته وتحرير فقراته. عندما أشار إلى إمكانية تقديم “اقتراحات بناءة” من الطرفين، لم يستعمل أبداً كلمة “بدائل”.
القيد اللغوي (In response to): إن اختيار عبارة “رداً على مقترح الحكم الذاتي” (التي تُترجم من “in response to the autonomy proposal”) هو بالغ الأهمية؛ فهو يُنشئ علاقة تبعية لأي مقترحات مستقبلية.
هذا التغيير الدلالي يعني أن أي مساهمة يجب أن تكون تابعة وموجهة نحو المخطط المغربي، وتهدف فقط إلى تعديل درجته أو آلياته، وليس التشكيك في مبدئه الأساسي. هذا يضع قيداً قانونياً يُقيّد إطار المناقشات بشكل محكم.
وضع الاستفتاء: نقطة لا رجعة فيها
يؤكد قرار مجلس الأمن بشكل واضح أن “خيار الاستفتاء مستبعد الآن بشكل قاطع”، وهو ما يُعد نقطة لا رجعة فيها. إن غياب الإشارة إلى الاستفتاء في نص القرار النهائي يُنهي الجدل حول هذا الخيار الذي أصبح بالياً (Obsolète).
الدعم الدولي للسيادة المغربية: يثبّت مجلس الأمن، بدعم من الأعضاء الدائمين المؤثرين (مثل الولايات المتحدة، وفرنسا، والمملكة المتحدة)، المسار نحو الحل الوحيد المتبقي: الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية. هذا يمثل إقصاءً واضحاً للمطلب الرئيسي للبوليساريو/الجزائر.
تحوّل نهج الأمم المتحدة: من النزاع الثنائي إلى التوافق
إن الإيجاز الذي ميّـز القرار (كونه “أقصر من سابقيه” و”أكثر مباشرة ونقاء”) هو تطور جوهري في نهج الأمم المتحدة.
إعادة تعريف النزاع: تنتقل الأمم المتحدة من منطق “نزاع تصفية استعمار” إلى الاعتراف بـصراع ثنائي الأطراف بين المغرب والجزائر، حيث يتوقف حله على توافقهما.
هذا يثبّت القراءة المغربية التي ترى أن الجزائر هي الطرف الرئيسي المغذي لهذا الصراع.
انتصار دبلوماسي: هذا الإيجاز يُكرّس مخطط الحكم الذاتي بصفته الركيزة التي تُهيكل وتوجّه مجمل الإنتاج المعياري المستقبلي حول هذا الملف.
تمديد المينورسو: إشارة واضحة لنهاية الزمن غير المحدد
قرار تمديد ولاية المينورسو لعام واحد، بالتزامن مع تقليص أعداد موظفي مفوضية شؤون اللاجئين (HCR) وتمويلهما، ليس مجرد “تجديد روتيني”.
خيار سياسي: يُعتبر تقليص الوسائل خياراً سياسياً و”إشارة واضحة” بأن “زمن التمديدات غير المحددة يقترب من نهايته”. لقد أصبح المبرر الأصلي لوجود المينورسو (الاستفتاء) بالياً، مما يُحول التمديد إلى “تأجيل أخير” قبل التشكيك في المهمة نفسها.
نقطة يقظة وحذر أمني (غياب الإحصاء)
على الرغم من الانتصارات الدبلوماسية، يظل هناك عنصر يستدعي اليقظة: غياب أي إشارة إلى الإحصاء السكاني في النص النهائي.
الأمن القومي للمغرب: هذا الإغفال يُنظر إليه كـخطر على الأمن الداخلي في المستقبل. فمن الضروري عملياً معرفة هوية اللاجئين الذين سيُطلب منهم العودة إلى الإقليم لتجنب “شكوك خطيرة محتملة” عند تنفيذ مخطط الحكم الذاتي، لكونها مسألة تنظيمية وأمنية أكثر من كونها رهاناً دبلوماسياً.
خاتمة :
في الختام، يمثل قرار مجلس الأمن 2797 تتويجاً لمسار دبلوماسي طويل، حيث خرج المغرب بـانتصار دبلوماسي حاسم. لم يعد النقاش يدور حول الاعتراف بالمبدأ (الذي تم تكريسه)، بل على درجة وآليات التنفيذ الملموسة للحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية.
هذا القرار، الذي هو ثمرة بناء فقه دولي (Jurisprudence Internationale)، يضمن صلابة وشرعية المكتسبات المغربية.
الآن، وقد أصبح مخطط الحكم الذاتي هو نقطة اللاعودة، على جميع الأطراف، خاصة الجزائر والبوليساريو، أن تستوعب الرسالة الأممية وتستجيب للأساس الوحيد المطروح للمفاوضات: الحكم الذاتي.
المغرب يُثبّت قدمه كقوة إقليمية تقود ملف الصحراء نحو حل عادل ودائم.
الكلمات الدالة :
مرحبًا بك في موقعنا الإخباري المثير " أيقونة بريس" ، حيث يتلاقى الحدث بالتحليل، والتقارير بالشغف. نحن هنا على مدار الساعة، جاهزون لنقدم لك أحدث الأخبار الوطنية والدولية، وليس فقط ذلك، بل نغوص أيضًا في عوالم الرياضة، الثقافة، والاقتصاد.
فريقنا المكون من صحفيين محنكين ليسوا فقط خبراء في مجال الإعلام، بل هم أيضًا روّاد في فن السرد. نحن نقوم بتحليل القضايا بشكل شيق ومثير، لنقدم لك تفاصيل لا تجدها في أماكن أخرى.