© أيقونة : محمد المسير //

04 غشت 2016 في 00:19/ التحديث في: 30:20:
هل نحن على أعتاب مرحلة جديدة في ترسيخ مكانة الأمازيغية وكافة التعبيرات الثقافية الوطنية؟ بعد أن تحركت عجلة التشريع في مجلس الحكومة. الذي تدارس مشروعين قانونيين يتعلقان بـتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية

التفاصيل الكاملة لمناقشات المجلس تجدونها في هذا المقال.

 تشريع جديد لتثبيت مكانة الأمازيغية واللغات المغربية

في خطوة تشريعية مهمة نحو تفعيل مقتضيات دستور 2011 التي أقرّت بالأمازيغية لغة رسمية، تدارس مجلس الحكومة مؤخراً مشروعين قانونيين محوريين. يتعلق الأول بـتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في الحياة العامة،

بينما يخص الثاني إحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.

فما هي أبرز مقتضيات هذين المشروعين، وما أهميتهما في مسار تثبيت الهوية المغربية المتعددة وتعزيز مكانة لغاتها وتعبيراتها الثقافية؟

في قلب مجلس الحكومة: تدارس قانوني الأمازيغية والمجلس الوطني

مناقشة مشروع قانون 26.16 ومشروع المجلس الوطني للغات والثقافة

مساء الأربعاء، 03 غشت 2016، شهد مجلس الحكومة تدارساً مُعـمّـقاً لمشروعي قانونين هامين يكتسيان أهمية بالغة في المشهد اللغوي والثقافي المغربي.

يأتي هذا التدارس في إطار تفعيل مقتضيات الفصل الخامس من الدستور المغربي الذي يقر بأن الأمازيغية لغة رسمية للدولة، إلى جانب اللغة العربية.

المشروعان اللذان كانا على طاولة المناقشة هما:

مشروع القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها، ومشروع قانون إحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.

يهدف هذان المشروعان معاً إلى وضع إطار قانوني مؤسساتي لترسيخ مكانة اللغات والثقافة المغربية.

مشروع قانون تفعيل الأمازيغية: الأهداف والمقاربة

 تعزيز التواصل وتثبيت الأمازيغية كلغة رسمية

يُعتبر مشروع القانون التنظيمي رقم 26.16 هو الإطار التفصيلي لتنزيل الطابع الرسمي لـالأمازيغية. يهدف بشكل أساسي إلى تعزيز التواصل بـاللغة الأمازيغية في مختلف المجالات العامّة ذات الأولوية التي تهم المواطن بشكل مباشر.

يرسخ هذا المشروع وضعية الأمازيغية لغة رسمية للدولة، ويؤكد أنها رصيد مشترك لجميع المغاربة بدون استثناء. كما يتوخى من خلال تفعيلها دعم قيم التماسك والتضامن الوطني.

يعتمد هذا المشروع مقاربة أساسية تتمثل في مبدأ التدرج في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، لضمان عملية إدماج ممنهجة وفعالة تأخذ بعين الاعتبار الإمكانيات المتاحة والتحديات القائمة.

مجالات إدماج الأمازيغية: تفاصيل تطبيق القانون التنظيمي

من التعليم إلى التقاضي: شمولية إدماج اللغة الأمازيغية

يتضمن مشروع قانون 26.16 مقتضيات تفصيلية تحدد كيفيات إدماج الأمازيغية في مجموعة واسعة وشاملة من مجالات الحياة العامة. يغطي القانون مجالات حيوية مثل التعليم، حيث سيتم تحديد مراحل وآليات تدريسها وتعميمها.

كما يشمل الإدماج مجال التشريع والعمل البرلماني، وقطاع الإعلام والاتصال لضمان حضورها في وسائل الإعلام العمومية. يمتد الإدماج أيضاً ليشمل مختلف مجالات الإبداع الثقافي والفني.

ولضمان قرب الإدارة من المواطنين، يشمل القانون الإدارة والمرافق والمؤسسات العمومية، والجماعات الترابية، والفضاءات والخدمات العمومية. حتى مجال التقاضي لم يُستثنَ من هذا الإدماج.
يحدد المشروع أيضاً مراحل وآليات تتبع هذا التفعيل لضمان تنفيذه على أرض الواقع.

المجلس الوطني للغات والثقافة: هيكل جديد لحوكمة المجال اللغوي

 صلاحيات ومهام المجلس الوطني للغات والثقافة

لم يقتصر تدارس مجلس الحكومة على تفعيل الأمازيغية فحسب، بل شمل أيضاً مشروع قانون يتعلق بـإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية. يعتبر هذا المجلس هيكلاً مؤسساتياً جديداً يهدف إلى تنظيم وحوكمة المجال اللغوي والثقافي.

ينص المشروع على أن يتمتع المجلس بـالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي، مما يمنحه المرونة اللازمة لأداء مهامه. تتعدد صلاحياته ومهامه،

أبرزها اقتراح التوجهات الاستراتيجية للدولة في المجالين اللغوي والثقافي، والسهر على انسجام وتكامل السياسات العمومية ذات الصلة.

كما يُناط به مهمة أساسية تتمثل في حماية وتنمية اللغتين الرسميتين، العربية والأمازيغية، بالإضافة إلى الحسانية واللهجات ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية الأصيلة.

يساهم المجلس كذلك في تقييم تنفيذ هذه التوجهات والسياسات بالتنسيق مع الهيئات المعنية.

تركيبة المجلس الوطني وهياكله التابعة

 أعضاء المجلس والهيئات المتخصصة (IRCAM والهيئات الجديدة)

حدد مشروع القانون تركيبة المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية لضمان تمثيلية واسعة وخبرة متنوعة.

يتألف المجلس، علاوة على رئيسه، من خمسة وعشرين عضواً يمثلون خمس فئات رئيسية.

تشمل هذه الفئات خبراء متخصصين في مجالات التنمية اللغوية والثقافية، وممثلين عن مؤسسات وهيئات وطنية، وعن الإدارات العمومية المعنية، وممثلين عن الجامعات ومعاهد التكوين في مجالي الثقافة والفنون،

بالإضافة إلى ممثلين عن الجمعيات والمنظمات غير الحكومية النشطة في هذه المجالات.

مدة ولاية هؤلاء الأعضاء محددة في خمس سنوات قابلة للتجديد، لضمان التجديد والاستمرارية.

ينص المشروع أيضاً على الهياكل والمؤسسات التابعة لـالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية. تشمل هذه الهياكل أكاديمية محمد السادس للغة العربية والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (IRCAM) اللذان سيتم إعادة تنظيمهما ليتناسبا مع الإطار الجديد للمجلس.

كما ينص القانون على إحداث هيئات جديدة متخصصة:

الهيئة الخاصة بـالحسانية واللهجات والتعبيرات الثقافية المغربية الأخرى، الهيئة الخاصة بـالتنمية الثقافية وحفظ التراث، والهيئة الخاصة بـتنمية استعمال اللغات الأجنبية بالمغرب.

يحدد المشروع اختصاصات كل هيئة وطرق وكيفيات اشتغالها لضمان الفعالية.

ولتعزيز الشفافية، ينص المشروع على نشر الآراء التي يدلي بها المجلس وتقريره السنوي في الجريدة الرسمية، ونشر التقارير والدراسات والأبحاث التي ينجزها بكل الوسائل المتاحة.

خلاصة: خطوة تشريعية مهمة لتنزيل دستور 2011

إن تدارس مجلس الحكومة لمشروعي قانون تفعيل الأمازيغية وإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية يمثل خطوة تشريعية حاسمة نحو تنزيل مقتضيات دستور 2011 وتوفير الإطار القانوني اللازم لترسيخ مكانة الأمازيغية وتعزيز الحركية الثقافية واللغوية بالمغرب.

هذه الخطوات تسعى إلى بناء مغرب أكثر انسجاماً وتماسكاً بالاعتماد على مكونات هويته الأصيلة والمتعددة، عبر آليات قانونية ومؤسساتية واضحة، مع الأخذ بمبدأ التدرج لضمان نجاح التطبيق على المدى الطويل.

الكلمات الرئيسية :
الأمازيغية – تفعيل الأمازيغية – مجلس الحكومة – المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية – قانون 26.16 – دستور 2011 – المغرب – الهوية المغربية – اللغة الرسمية – التعليم – الإدارة – التشريع – الإعلام – الثقافة – IRCAM – أكاديمية اللغة العربية – الحسانية – اللهجات المغربية – السياسات العمومية – التشريع المغربي.