وهـمُ اللامستحيل (خديعة الدعاء)

مدوّنات: وهـمُ اللا مستحيل إما تكون قدّ الحياة،إما تعيش وسط الدروب…

ايقونة بريس | أناس هوناني

أذكر و نذكر ذاك الحلم، أذكر يوم حدثت نفسي أني سألمس حلمي الوحيد! رغم الصعوبات والكبوات، رغم العواصف والآهات، رغم النسيان والنكبات فهذا ما تعلمت في صغري” لا يوجد مستحيل يا ولدي و من أراد المعالي سهر الليالي…”

كلمات تغمرني بالحماسة فأسرع نحو مكتبتي الصغيرة حاملا بين أناملي قلما و ورقة مسطرا جدولا زمنيا أرتب فيه واجباتي وأهدافي القبلية طمعا في حلمي الوحيد!

لكن هل تراني نسيت أمرا ما ؟! أمرا يسبق كل المواعيد، أمرا يَـحول بيني وبين خيبات الأمل العربية؟ شعرت حينها بالسرحان وضعت قلمي، توضأت وصليت ركعتين ليستا كالركعات فقد شعرت بتأنيب ضمير الألوهية، هل تراني قصرت في الصلاة ؟!

أنهيت صلاتي حملت المصحف الكريم وشرعت كعادتي أقرأ سورة الكهف، انه يوم الجمعة !

عدت بعدها لمكتبتي وأتممت كتابة جدولي الزمني طمعا في حلمي الوحيد فلا مستحيل مع الحلم مهما كانت الظروف ولا مستحيل مع الدعاء.

مرت السنوات … وأنا اليوم رجل بعمر” 60″!

لا أنا أعرف حلمي و لا حلمي يعرفني… أدركت حينها سبب الشعور الغريب الذي انتابني وأنا أخطط جدولي الزمني، فقد حجبت عن نفسي نور الله الخفي و كنه الحياة الزكي ومقادير الله الدقيقة … أدركت حينها ما نسيت، نسيت أن أعرف من أنا فمن عرف نفسه عرف الله و من عرف الله عرف سننه تعالى في الكون، سنن لا تخضع للعاطفة الجيّاشة ولا للأهداف غير الدقيقة، سنن تخضع للتخطيط و تجعله من أسمى الفنون، فأنا من قررت عن وعي أو عن غير وعي أن أكون ما أنا عليه اليوم وسأكون أنا المسؤول عن حالي غدا وليس الدعاء.

دعاء خال من أي خيوط سببية تربطك بالحلم، دعاء لا يجعل من التخطيط رفيقا له، فقد كنت أخطط في جدولي الزمني خططا لا تليق بحلمي الوحيد.

إن كان حلمك ليس كأي حلم فهو لا يحتاج أي تخطيط، و هل تراك مؤهلا ذهنيا و اجتماعيا لهكذا تخطيط؟! أدركت حينها أن الأقدار الإلهية أعمق مما كنت أتصور فهي تخضع لمقاييس ميليمترية لا تقبل سوى هامشا صغيرا للخطأ يتماشى وذلك الحلم الوحيد، مقاييس تخضع لقواعد النفس والفيزياء، مقاييس لا تخضع لهواك ولا لأهواء الطوائف.

أدركت حينها أني ضحية وهم اللامستحيل وهم  صنع على يد أستاذي  شيخي أبي و وطني العربي الجريح، وطن يتقن فن قتل الأحلام و ربما يكون حلمك الوحيد .

(إما تكون قد الحياة،إما تعيش وسط الدروب…)

  • طالب مغربي مقيم في المانيا (مهتم في علوم الفلسفة والاجتماع)
محمد المسير {أقلالوش}

رئيس التحرير - كاتب رأي

صحفي مهني وناشط حقوقي، متخصص في القضايا السياسية والاجتماعية. حاصل على شهادة في الحقوق ودبلوم في القانون الخاص. ساهم في عدة منصات إعلامية وشارك في ندوات دولية مع منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان. التفاصيل في الشفحة الشخصية :

⌈ https://bit.ly/3UntScc ⌉