
هذه حقيقة أرباح واستثمارات شركات الاتصالات بالمغرب
حداد زهير
السياق التاريخي لخوصصة قطاع الاتصالات في المغرب
كان قطاع الاتصالات، مع بداية التسعينات، يعتبر من بين القطاعات الاستراتيجية التي لم تكن خصخصتها مدرجة بشكل مباشر، خصوصا في سياق الجلبة التي كانت أحزاب المعارضة الليبرالية قد أثارتها آنذاك معتبرة تخلي الدولة عن هذه القطاعات للأجانب “مساسا بالسيادة الوطنية وتهديدا لأمن الدولة”، لكن النظام نجح في قلب موازين القوى لصالحه وضمان إجماع سياسي جديد حوله مع أواخر التسعينات، في سياق حرص جميع الأحزاب الليبرالية وقسط كبير من اليسار السبعيني على إنجاح انتقال هادئ للحكم، وحاز على حرية أكبر لمواصلة السياسات الليبرالية التي تمليها مراكز القرار الإمبريالية، وفتح الباب على مصراعيه للشركات متعددة الجنسيات لكي تقتني ما تريد وبالشروط التي تريد تنفيذا لتوصيات المنظمة العالمية للتجارة ، تسارعت وتيرة تحرير قطاع الاتصالات ابتداء من سنة 1997، وذلك بفصل الاتصالات عن أنشطة البريد عبر خلق شركتين عموميتين: اتصالات المغرب التي ستصبح لاحقا ماروك تلكوم، وشركة بريد المغرب.
كما خلقت الدولة مؤسسة عمومية أخرى هي الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات في سنة 1998 لتشرف على مسار نزع احتكار الدولة للقطاع وإخضاعه لمنطق السوق.
وعلى غرار جميع المؤسسات العمومية، فالملك هو الذي عين مدير الوكالة وأشرف على وضع النصوص القانونية المتعلقة بتسييرها وعلى اختيار أعضاء مجلسها الإداري.
وقد منحها صلاحيات واسعة، وجعلها أداة تحكم مباشرة في عمليتي منح الرخصة الثانية للهاتف المحمول و35% من رأسمال اتصالات المغرب للخواص ألقت هذه الصفقة الأضواء على اتصالات المغرب بكونها شركة تذر أرباحا طائلة، وتعد من أكبر فروع مجموعة فيفاندي أونفيرسال مردودية. فقد حققت في سنة 2003، رقم معاملات بلغ حوالي 16 مليار درهم (1.47 مليون أورو)، وأرباحا بلغت قرابة 7 مليار درهم (628 مليون أورو، ليبداء الإقبال الهائل على طلبات أسهم اتصالات المغرب التي وضعتها الدولة للتداول في بورصتي الدار البيضاء وباريس، والتي تهم 14.9% من رأسمال الشركة بمبلغ 8.9 مليار درهم.
منحت الرخصة الثانية للمجموعة البرتغالية- الإسبانية المكونة من برتغال تلكوم وتلفونيكا الإسبانية، والتي تحالفت مع المجموعات المغربية: البنك المغربي للتجارة الخارجية )BMCE BanK وصندوق الإيداع والتدبير (CDG) وافريقيا (Afriquia)، لتتشكل مجموعة ميدي تلكوم التي يملك فيها الرأسمال الأجنبي حصة 61% (30.5% برتغال تلكوم و 30.5% لتلفونيكا)، والمغربي نسبة 39 % (20% BMCE Bank ، 11% Afriquia ، 8% CDG.)، أما ثمن البيع، فقد بلغ 10.836 مليار درهم (حوالي 1.1 مليار دولار). وصف الملك الحسن الثاني في آخر خطاب له في 8 يوليوز 1999، والذي خصصه بالكامل لخصخصة الاتصالات، الثمن الذي منحت به الرخصة الثانية للهاتف المحمول (11 مليار درهم) بـ “الهبة”.
وأعلن عن تخصيص 4 ملايير منها للميزانية لتغطية عجزها و7 ملايير ستوضع في صندوق خاص، وهو صندوق الحسن الثاني للتنمية. استفاد هذا الصندوق من مبلغ 6 مليار درهم من عملية بيع حصة 35% من اتصالات المغرب، و من مبلغ 6 مليار درهم من عملية بيع حصة 80% من رأسمال شركة التبغ. ولاندري ما كانت حصته من مبلغ 12.4 مليار درهم الذي بيعت به نسبة 16% من رأسمال اتصالات المغرب. تخصص مداخيل هذا الصندوق أساسا لتمويل مشاريع تتعلق بتوفير البنية التحتية الضرورية للاستثمار الرأسمالي والأجنبي منه بالخصوص من خلال خلق مناطق صناعية وسياحية وفلاحية، الخ.
وهذا ما أعلن عنه الملك محمد السادس في خطاب له يوم 30 يوليوز 2001: ” إننا نحرص على جعل صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية دعامة قوية للاستثمار المنتج، وأداة فعالة لتنمية الثروة الاقتصادية الوطنية. لقد قررنا تحويل هذا الصندوق إلى وكالة وطنية وتخصيص جزء هام من مداخيل الخوصصة وعمليات فتح رأسمال المؤسسات العمومية التي تشكل تراث الأمة لتمويل هذا الصندوق، وذلك من أجل تنمية هذا الرأسمال الوطني وجعله منتجا لخلق ثروات جديدة عوض صرفه في الاستهلاك.”
يعمل النظام إذن على ضمان بيع رخيص للمؤسسات العمومية المربحة للشركات الإمبريالية والمجموعات الرأسمالية المحلية المرتبطة بها، ويحرص على تخصيص جزء كبير من عائدات هذه الخصخصة لتوفير شروط الاستثمار لنفس الشركات والمجموعات.
إنوي، هي المشغل الثالث لخدمات الهاتف الجوال – الثابت – الإنترنت في المغرب
أنشأت الشركة سنة 1996 تحت اسم Maroc Connect، وفي سنة 2005 تدخل مجموعة أونا ONA لتمتلك كافة اسهمها لتصبح بذلك المالك الرسمي للشركة بنسبة %100 و في سنة 2006 حصلت الشركة على الرخصة الثالثة لخدمة الأنترنت وخدمة الهاتف الثابث ذي التنقل المحدود، ثم بعد ذلك تهرب الاموال للخارج عن طريق دخول شركة زين المتعددة الجنسيات بشرائها 31% من اسهم هذه الشركة
ارباح شركات الإتصالات في المغرب : (اتصالات المغرب نموذجا)
حققت “فيفاندي” أرباحا خيالية من وراء صفقة الاستحواذ على حصة الأغلبية في “اتصالات المغرب”، ثم إعادة بيعها في أقل من 13 سنة على اقتناء أول حصة لها في رأسمال ماروك تيليكوم البالغة 35 في المائة من رأسمالها خلال سنة 2001، بنحو 21 مليار درهم.
بلغ حجم الأرباح التي وزعت سنة 2002 و2003 و2004 نحو 2.5 و2.75 و4.4 مليار درهم، وهي الفترة التي كانت حصة فيفاندي لا تتعدى 35 في المائة، لكن الأمور تغيرت ابتداء من سنة 2005، وهو التاريخ الذي شهد تراجع فيفاندي عن تلويحها بمغادرة اتصالات المغرب إن هي لم تحصل على حصة 16 في المئة من رأسمال ماروك تيليكوم بنحو 100 مليون أورو عوض 1.1 مليار المنصوص عليها في اتفاقها مع الدولة المغربية.
فانطلاقا من سنة 2005 شهدت الأرباح التي توزع على المساهمين تناميا متسارعا وبلغ خلال هذا العام 6.12 مليار درهم و8.09 مليار درهم سنة 2006 و9.52 مليار درهم سنة 2007. وواصلت فيفاندي شفط حصتها من أرباح اتصالات المغرب، التي تحولت بالنسبة لها إلى البيضة التي تبيض ذهبا، سنة 2008 تاريخ رفع حصتها إلى 53 في المائة في عملية مبادلة 2 في المائة من رأسمال اتصالات المغرب مع 0.6 في المائة من رأسمال فيفاندي مع صندوق الإيداع والتدبير، حيث فاقت الأربح التي تم توزيعها 9.06 مليار درهم.
وفي سنة 2009 تم توزيع 9.3 مليار درهم على شكل أرباح على الأسهم و8.1 مليار درهم سنة 2010 و6.5 مليار درهم سنة 2011 ثم 5.27 مليار درهم سنة 2012.
وتعتبر صفقة اتصالات المغرب الأكبر التي أبرمتها فيفاندي التي لم تعقد لها المجموعة الفرنسية مثيلا منذ بداية القرن الحالي، حيث بلغت مردودية استثمارها في رأسمال الشركة الأولى في قطاع الاتصالات بالمغرب 222 في المئة في أقل من 13 سنة.
وحسب الأرقام دائما، حصلت فيفاندي على أرباح على حصة مساهمتها بقيمة 36 مليار درهم وستتسلم مبلغ 44 مليار درهم من بيع حصتها 53 % في ماروك تيليكوم لفائدة اتصالات الإماراتية، أي أن مداخيلها الصافية عن صفقة اتصالات المغرب منذ 2001 تجاوزت 80 مليار درهم، في الوقت الذي لم يتعدى استثمارها في المجموعة المغربية، التي تمتلك حاليا 10 فروع في القارة الإفريقية 10 مليارات درهم منذ 2001.
حقيقة الارقام انها تعكس بجلاء حجم النزيف، ثروات الوطن تهرب من خلال صفقات اقل ما يقال في حقها انها مشبوهة، ومع ذلك رفضت الحكومة فرض ضريبة 37 في المئة تابثة عوض الضريبة التصاعدية تبتدئ من 10% الى 31% بمبررات تكلف وزير ماليتها بسردها، تقول بان شركات الاتصالات لا تدر الارباح بالمغرب.
المصادر : • موقع جريدة المناضل-ة • موقع هيسبريس • مجلة النقد الاقتصادي، عدد 7، شتاء- ربيع 2002. • موقع مجموعة فيفاندي أونيفرسال Vivendi Universal بشبكة الانترنيت
رئيس التحرير - كاتب رأي
صحفي مهني وناشط حقوقي، متخصص في القضايا السياسية والاجتماعية. حاصل على شهادة في الحقوق ودبلوم في القانون الخاص. ساهم في عدة منصات إعلامية وشارك في ندوات دولية مع منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان. التفاصيل في الشفحة الشخصية :
⌈ https://bit.ly/3UntScc ⌉