
اتفاقيات التبادل الحر… ترهن إقتصاد المغرب لصالح المؤسسات المالية الكبرى.
ايقونة بريس- أقللوش أمحمد
تشكل إتفاقيات التبادل الحر بين المغرب والإتحاد الأوروبي) تتويجا لمسار طويل من العلاقات التاريخية بين هذه البلدان. فقد شرع المغرب فًي تطبٌيق إتفاقٌية التبادل الحر بٌينة وبين الإتحاد الأوربي في 1 مارس 2000 وبين الولايات المتحدة الأمريكية في 13 يناير 2005 بعد مخاض عسير دام سنوات من المفاوضات لكليهما. والهدف الظاهر للإتفاقية هو خلق فضاء متميز من كلا القوتين الإقتصاديتين، مبني على قواعد جمركية خاصة لتنشيط التعاون الإقتصادي وتنمية التجارة. دون إغفال أهداف خفية تتجلى أساسا في التنافس البـيـن بين مشروعين غربيين: المشروع الأورو متوسطي والمشروع الأمريكي للشرق الأوسط وشمال إفريقا. “ ايـقـونة ” تخوض في هذا الملف بحثا عن الدواعي السياسية والﻹقتصادية لهذه الإتفاقيات وتكشف أهم مضامينها والنتائج المرتقبة منها.
خلفيات سياسية واقتصادية لإتفاقيات التبادل الحر
خلافا لما هو الحال في أوروبا وأمريكا التجئ المغرب إلى السرية التامة والتعتيم حتى على نواب الأمة () لجل مجريات ومفاوضات إتفاقيات التبادل الحر، مكتفيا برفع شعارات من قبيل: أن الاتفاقية تندرج في مسار شمولي اختارته الحكومة. وأن “الاتفاقية من شأنها إدماج الإقتصاد المغربي في المنظومة الإقتصادية الدولية وتكييفه مع المسلسل الجاري للعولمة والدفع بمتابعة الإصلاحات الإقتصادية والإجتماعية، وتحسين المناخ القانوني للمعاملات الإقتصادية، وتأهيل المقاولة المغربية، ودعم قدرتها التنافسية وجلب الإستثمارات الأجنبية وتكثيف التحولات التكنولوجية وجعل المغرب أرضية للإستثمارات والشركات الدولية الراغبة في ولوج السوق الأمريكي بشروط تفضيلية”
وبالعودة إلى مشروع شمولي اختارته الحكومة، الأكيد أن الحكومة لم تختره بمحض إرادتها بل فرض عليها، لأن المغرب ومند سنوات انخرط في سيرورة إنفتاح ليبرالي متسارع خصوصا منذ بداية الثمانينات مع تطبيق برنامج التقويم الهيكلي الذي فرضه البنك العالمي وصندوق النقد الدولي. وكان هذا هو السياق الذي انخرط فيه المغرب في الإتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة في 1987 ومنظمة التجارة العالمية في 1994. ومنذ ذلك الحين، وهو يوقع الإتفاقات تلو الأخرى.
أما الدواعي الأوروبية فتقول أن الإتفاقية ستجلب الإستفاذة للطرفين وتسهل الصادرات وستشجع الإستثمارات. لتحسين محيط الأعمال وتنمي الإقتصادات وتيسر فرص شغل جديدة. لكن هنا يطرح سؤال: من المستفيد الأكبر من الإتفاقية ؟
فلكي تقبل أمريكا مثلا توقيع الإتفاقية مع المغرب الذي يقدر سوقه التجاري بحوالي 11 مليار . وهو سوق متواضع جدا مقارنة بنظيره الأوروبي كان من المفروض على المغرب القيام بإصلاحات إقتصادية هيكلية باعتبار أن نظامه الإداري متخلف ولا يُمَكِّنُ من الشفافية والوضوح. لأن الرشوة والمحسوبية مستشريين في البلاد، وباعتبار أن القضاء المغربي في حاجة ماسة وكبيرة للتخليق. وهي أمور كانت واضحة للطرفين لكن أمريكا كانت تسعى بالأساس الى الإستفادة من السوق المغربية ومن منطقة شمال إفريقيا عبر إعدام الحواجز الجمركية على البضائع الأمريكية ومحاولة تطوير المكانة التنافسية للمنتجات الأمريكية لمواجهة نظيراتها الأوربية.
غير أن الدواعي السياسية تبقى لها أهمية كبيرة إذا أخدنا بعين الإعتبار أنه يعول على المغرب في مسار”الحوار المتوسطي” الذي بدأ مع أوائل التسعينات كإحدى المحطات الأساسية في الإستراتيجية الإمبريالية- الغربية لتعزيز دورها على صعيد القارة الإفريقية، لهذا جعل المغرب مجاله مفتوحا أمام القواعد العسكرية الأمريكية في كل من ( طانطان قيادة أفريكوم )، ومناورات الحلف الأطلسي الذي اعتبر المغرب حليفا إستراتيجيا بامتياز في المنطقة.
كما تتم الإشادة بدور المغرب في ما يسمى “محاربة الإرهاب ” حيت عملت الدولة المغربية على اصدار قانون مكافحة الإرهاب (قانون 0003) واكتشاف ما يسمى ” الخلايا النائمة للقاعدة” إلا أن هذه الدواعي السياسية وبمجرد طرحها للنقاش سيتبين جليا أن الخضوع للتوجيهات الإمبريالية يعني القبول الكلي لجرائمها عبر العالم والتواطؤ معها لكون الإمبريالية الأمريكية داعمة الكيان الصهيوني وغطرسته ضد الشعب الفلسطيني ومحتلة للعراق. ولن تتلاءم مناهضة هذه الحروب الصهيونية-الإمبريالية ومناصرة مقاومة الشعبين الفلسطيني والعراقي مع قبول إتفاقية التبادل مع أمريكا إلا إذا كنا نعيش في نفاق سياسي وهذا هو الغالب.
كما أن المغرب إنخرط في مسار إتفاقيات التبادل الحر مع أمريكا والإتحاد الأوروبي وتركيا في ما يزيد عن 55 اتفاقية بهدف تعزيز الروابط السياسية مع تلك الدول دون التفكير في التداعيات الإقتصادية خاصة مع الإتحاد الأوروبي التي يراهن فيها المغرب على دعم أوربا له في قضاياه السياسية المصيرية.
اتفاقيات التبادل الحر حلقة ضمن مقتضيات المنظمة العالمية للتجارة.
ولكي يتضح الأمر اكثر فالإتفاقية تنص على أنها تندرج ضمن مقتضيات المنظمة العالمية للتجارة التي تحث على إلغاء جميع الحواجز أمام الرساميل والسلع وضرب الخدمات والمكتسبات الإجتماعية. ولفرض التحرير المعمم تلجأ هذه المنظمة إلى ثلاث ميكانيزمات.
بند الدولة الأكثر رعاية: على كل دولة منحت إمتيازا لدولة عضو في المنظمة أن تمنحه لباقي الدول الأعضاء دون قيد أو شرط. وقد ارتكزت الولايات المتحدة الأمريكية على هذا البند للحصول على نفس الإمتيازات الممنوحة للإتحاد الأوروبي.
بند المعاملة الوطنية: تجب معاملة كل مستثمر أو منتج دخل السوق المحلية على قدم المساواة مع نظيريهما المحليين في ما يخص التعامل الضريبي أو أي امتياز آخر.
خلق محكمة لفض النزاعات: وهي أداة في يد الشركات الكبرى لفض الخلافات لصالحها وفرض هيمنتها على الدول الفقيرة.
و تتضمن الإتفاقية، علاوة على البنود التقنية والإدارية المتعلقة بضمان أحسن تطبيق، 12 محور وهي:
1- ولوج الأسواق: منع أي تمييز بين المنتجات الوطنية والخارجية.
2- الـفـلاحـة: فتح المجال لولوج المنتجات الأمريكية وإلغاء الإعانات في مجال صادرات المنتجات الفلاحية، مع التقيد بالإجراءات المتعلقة بالصحة واستعمال المبيدات. ولا يحق لأي طرف، بصدد هذه النقطة اللجوء الى جهاز فض الخلافات.
3- صناعة النسيج: خفض تدريجي لحقوق الجمرك وإمكانية نسبية لتصدير ملابس تحتوي مواد أولية من بلد ثالث.
4- الصفقات العمومية: المساواة بين المتبارين محليين كانوا أم أجانب، وخلق شروط الشفافية.
5- الإستـثـمارات: المساواة بين المستثمرين محللين كانوا أم أجانب.، مع حرية كاملة لدخول الرساميل وخروج الأرباح.
6- تجارة الخدمات: حق إستعمال شبكة التوزيع والنقل وشبكات الإتصال وكل ما يرتبط بتقديم الخدمات. وعدم الزام أي مقدم للخدمات بالإقامة أو بمكتب للتمثيل أو فرع لشركته.
7- الخدمات المالية: المساواة في حقوق المستثمرين سواء كانوا شراكات أو مؤسسات مالية، مما سيعزز سيطرة البنوك الإمبريالية على المدخرات المالية المحلية .
8- الاتـصـالات: منح حق الولوج إلى الخدمات العمومية في مجال الاتصالات.
9- التجارة عبر الوسائل الالكترونية: منع فرض أي رسم جمركي على ما له علاقة باستيراد أو تصدير منتجات رقمية عبر البريد الالكتروني
10- حقوق الملكية الفكرية: المصادقة على المعاهدات الدولية في هذا المجال، والتنصيص على أن يتضمن التشريع المحلي ضمانات أوسع لحماية واحترام حقوق الملكية الفكرية في جميع المجالات (الصناعة، الأدوية، الخدمات، الثقافة، الفن، الخ). فقد نصت الإتفاقية على التزام البلدين بإتلاف البضائع المقرصنة، ومصادرة وإتلاف المعدات المستخدمة في إنتاجها.
11- الشــغـل: التنصيص على الإلتزام بالمعاهدات الدولية.
12- الـبـيـئة : التنصيص على احترام البيئة.
هو إذن واقع غير متكافئ وعجز واضح في المبادلات التجارية بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، والأكيد أن هناك اختلال في ميزان المفاوضات، فالمفاوضين المغاربة لم يهيئوا جيدا لهذه الإتفاقية بشكل يستطيع معه المغرب أن يحافظ على مصالحه، وفي المقابل وضع الأمريكيون آلة ضخمة من الخبراء الإقتصاديين في مختلف المجالات لدراسة تفاصيل الجزئيات المتعلقة بالتبادل التجاري مع المغرب، والقطاعات التي يمكن أن يوجهوا إليها صادراتهم، في ظل مجموعة الإمتيازات الممنوحة لهم. وتبقى امكانية إعادة النظر بشكل جدري في هذه الإتفاقيات جد مستبعد بالنظر للطبيعة السياسية لمثل هذه الإتفاقيات.
اتفاقية التبادل الحر …. نتائج وتوقعات.
لا يصعب التكهن بالنتائج الكارثية لاتفاقيات التبادل الحر. فتجربة المكسيك تشكل مثالا واضحا ومقنعا عن مستتبعات هذا الإنفتاح التجاري المعمم بين بلد متخلف مع أكبر القوى الإقتصادية في العالم، علما أن لا مجال لمقارنة اقتصاد المغرب بنظيره المكسيكي. فقد اختفت، خلال عشر سنوات، حوالي 28.000 مقاولة صغيرة ومتوسطة خسرت على إثرها المكسيك أكثر من 1.3 مليون فرصة عمل. كما فقد أكثر من 6 مليون فلاح أرضهم وعملهم منذ بداية الاتفاق. وانتقل الفقر الغذائي للسكان القرويين (الأسر التي لا يسمح لها دخلها بتغطية حاجياتها الغذائية) من 35.6% إلى 41.8%، وانتقل الفقر العام من 50% إلى52.4.
التبعية الغذائية عنوان الإنفتاح التجاري في المجال الفلاحي .
يبدو أن أهم انعكاس في المجال الفلاحي يتجلى في تكريس التبعية الغذائية للخارج، بل والمزيد من تعميق هذه التبعية نظراً لمحدودية التنافسية التي يتمتع بها القمح المغربي وضئالة دعمه مقارنة مع نظيره الأمريكي. علماً أن حاجيات المغرب من هذه المادة تفوق 8 ملايين طن سنويا. ومن المنتظر، وهذا أمر واضح من ألآن أن يعرف قطاع القمح إشكالات كبيرة جدّاً مع حلول سنة 2015 عند الانفتاح الكامل. ومن شأن هذا الإشكالات التأثير بشكل أو بآخر على الإستقرار الإجتماعي بالبادية المغربية. ولعل تجربة المكسيك في هذا الصدد لازالت عالقة بالأذهان حيث تم القضاء على جلّ الفلاحين المتوسطين، فما أدراك بالفلاحين الصغار الذين يشكلون السواد الأعظم بالعالم القروي بالمغرب.
لقد تبنت الإتفاقية بخصوص القطاع الفلاحي نظام اللائحة وفق جدول زمني ونظام الكوطا لتطبيق الإعفاءات الجمركية. فاللائحة “أ” معفية من الرسوم واللائحة “ب” ستعفى بعد 5 سنوات واللائحة “س” بعد 10 سنوات واللائحة “د” بعد أكثر من 10 سنوات.
فالخضر والطماطم والكلمنتين والزيتون وزيت الزيتون والفستق، كلها ستلج المغرب بدون رسوم. أما الذرة والصوجا والجوز والعنب والإجاص فستعفى بعد 5 سنوات. وبخصوص القمح والقطاني واللحوم الحمراء والبيضاء فَسَيُبَرْمَج تحريرها خلال فترة انتقالية تفوق 10 سنوات. أما بالنسبة للقمح الطري فقد تم تحديد حد أدنى 400 ألف طن، وحد أقصى مليون طن، خلال عشر سنوات. وبلغة الأرقام، فإن الصادرات المغربية نحو الولايات المتحدة شهدت ارتفاعا وصل إلى 7.6 ملايير درهم سنة 2011، مقابل 5.6 ملايير درهم سنة 2010. وبالمقابل، بلغت الواردات المغربية من الولايات المتحدة الأمريكية 28.9 مليار درهم سنة 2011، مقابل 21 مليار درهم في 2010.
ويصرح “عمر ازيكي” الكاتب الوطني لجمعية اطاك المغرب لمواجهة العولمة الليبرالية، عضو الشبكة الدولية لإلغاء ديون العلم الثالت: ” إن تقدير حجم النتائج الكارثية لمجمل هذه الاتفاقات على المغرب يتطلب تحليلا أكثر تفصيلا. لكن الآثار تبدو واضحة منذ الآن في الوضعية الإقتصادية والإجتماعية التي لم تعد تطيقها الأغلبية الساحقة من المغاربة. فقد بلغ العجز التجاري 24% من الناتج الداخلي الخام، وعجز الحساب الجاري 10%. كما بلغت المديونية 76% من الناتج الداخلي الخام بمبلغ 678 مليار درهم. وتضررت القطاعات الإنتاجية الهشة أصلا بشكل عميق من جراء إغراق السوق الداخلية بسلع خارجية مدعمة. وهذا ما ساهم في تعميق البطالة البنيوية والهشاشة بفعل اغلاق وحدات الإنتاج والتسريحات الجماعية. فالمغرب فتح أبوابه للشركات متعددة الجنسيات لتوسيع نهبها لخيراتنا وتدمير بيئتنا. وبالمقابل، تغلق أوروبا حدودها في وجه ألاف المهاجرين من الشباب العاطل الذين يلقون حتفهم في قوارب الموت.
إستثمارات أمريكية في قطاع النسيج تغرق الأسواق المغربية واختلال واضح في ميزان المنافسة.
لقد عرف قطاع النسيج بالمغرب عدّة مشاكل حادّة و لازالت مرشحة للزيادة أكثر، وذلك بفعل منافسة الصين في السوق الأوروبية. وهذا مَا تبين على أرض الواقع عبر إقفال جملة من الوحدات الإنتاجية. في حين أنه لا يمكن إنتظار الكثير من أمريكا في هذا المجال.
فإذا كانت أمريكا تستورد ما يناهز 63 مليار دولار بخصوص النسيج، فإن نصيب المغرب لا يتعدى 0,1 %. هذا دون الحديث عن إمكانية استثمار الأمريكيين بالمغرب في هذا القطاع، وبذلك سيؤثرون سلباً حتى على السوق المغربية بفعل المنافسة. وآنذاك لن ينفع مبدأ الحصص (كوطا) الذي دافع عليه مهنيي النسيج.
ضعف إلمام المفاوض المغربي يخرج منه المفاوض الأمريكي بامتيازات تفضيلية
فيما تجنبت الإتفاقية مع الإتحاد الأوربي قطاع الخدمات فقد أدرجت الإتفاقية مع الولايات المتحدة الأمريكية هذا القطاع بشقه ( البنوك والتأمينات من جهة وقطاع الاتصالات من جهة اخرى)
1- فعلى مستوى البنوك والتأمينات: ظهر جلٌيا الإهتمام الأمريكي بهذا القطاع وضعف إلمام المفاوض المغربي بأهميته من خلال الإمتيازات التي حصل عليها المفاوض الأمريكي والتي تتلخص في العناصر التالية :
- صلاحية تأسٌس شركات مساهمة أمريكية(Joint venture) أو فروع لها فًي حدود اقصاها 31% من الرأسمال.
- صلاحية تأسٌس فروع بنوك وشركات تأمٌين بعد4 سنوات من بداية الاتفاقية.
- إعطاء إمتيازات للشركات التًي ترغب فًي تأمٌين خدمات عابرة للحدود(بوسائل الكترونية)
- صلاحية تقدٌيم تأمٌين من مؤسسات خارج الحدود بوسائل إلكترونٌية مثل إعادة التأمٌين والسمسرة في القطاع البحري والطيران والنقل بشكل تدريجي خلال سنتين.
- الإلغاء التدريجي من طرف المغرب لشروط إعادة التأمٌين القسرٌية كامتٌياز إضافًي للشركات الامريكية.
2- أما على مستوى الإتصالات : فقد برز جليا حرص المفاوض الأمريكي للحصول على أكبر قدر ممكن من الإمتيازات في مجال الإتصالات من خلال النقاط التالية:
- حق الشركات الأمريكية للهاتف الوصل أو الربط مع شبكات الهاتف المغربٌية الإحتكارية السابقة بأسعار موازٌية محددة على أساس التكلفة.
- حق الشركات الأمريكية إستخدام البنٌية التحتٌية المغربٌية دون تميز.
- حق هذه الشركات إستئجار أجزاء من شبكات الإتصال المغربية دون تميز.
- عدم فرض رسوم جمركٌة على المنتجات الرقمٌية.
من خلال هذه الإطلالة على مضامين الإتفاقية وابعادها، سيتضح للجميع التحديات السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي ترتبت على الإتفاقية، علماً أن البلاد لا تتوفر على شروط ربح كل التحديات، مما قد يؤدي بها الى رهن مستقبل البلاد لعقود. وإذا كان المجتمع الأمريكي يقوم بالأساس على التحرر الإقتصادي والإقرار بنظام ديمقراطي ووجود جهاز قضائي قوّي وفعّال. فإن المغرب لازال يعيش معوقات في كل هذه المجالات. إذ أنّه لازال في بداية البدايات بخصوص تأهيل الاقتصاد الوطني وإصلاح المنظومة التعليمية والتربوية وتفعيل جهاز العدالة.
وهذا ما يفسر عجزه من الاستفادة من أغلب اتفاقيات التبادل الحر التي وقعها مع مجموعة من البلدان، ولا يمكن لنا أن نسجل سوا أن الاقتصاد المغربي ليست له القدرة التنافسية الضرورية ولا العرض المتنوع والجودة المطلوبة في السوق الأمريكية، ولا الإمكانيات اللوجستيكية لاقتحام هذا السوق الذي يعتمد على التوزيع الضخم وليس الكميات المحدودة.