إذاعة وتلفزيون : انهيار وفشل مشروع القطب الإعلامي المغربي والشعب يؤدي الفاتورة

©أيقونة بريس:هيئة التحرير:

قدم رئيس المجلس الأعلى للحسابات، السيد إدريس جطو، يوم الثلاثاء 28 يناير 2020 عرضه السنوي أمام البرلمان بغرفتيه، حول قطاع السمعي البصري خاصة في قمة الأزمة المالية التي تعيشها 2M التي تقودها نحو الانهيار. وبشكل واضح كان المال العام يسيل بدون مراقبة وبدون تجديد عقود البرنامج بين الدولة والشركتين العموميتين: الإذاعة والتلفزة و2M منذ سنة 2012،   

في عام 2006 ، أصدرت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصريHACA ، التي كانت آنذاك حديث التأسيس ، رأيًا إيجابيًا لإنشاء قطب عام يجمع SNRT و SOREAD 2M. كان الهدف هو السماح لهذا القطب العام ، من خلال أوجه التآزر ، بمواجهة حالة تحرير القطاع السمعي البصري ، وفي نفس الوقت لمواجهة انفتاح الفضاء السمعي البصري الذي عرف استثمارا مهما جزئيا من قبل القنوات الناطقة بالفرنسية وخاصة من القنوات العربية التي تعرف استثمارا ضخما من جميع الأنواع.
بعد مرور ثلاثة عشر عامًا، تأكد بشكل واضح أن القطب العام لم يواجه أيًا من هذه التحديات، وتأكد أن هذا القطب العام فشل في كل ما كان منتظرا منه، والآن، يمكن أن يُـطرح السؤال: هل كان اختيار تأسيس قطب عام، قرارا حكيما؟ ومدروسا؟ وهل كان بالفعل هو الطريق الوحيد لتزويد المغرب بقطاع إعلامي قوي وعالي الكفاءة.
هذه الأسئلة، تؤدي إلى التساؤل عمّا إذا كانت ثلاثة عشر سنة من قرار تأسيس هذا القطب الإعلامي الوطني ( SNRTو SOREAD 2M)، ؟ ألم يكن من الحكمة دعوة HACA – الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري ، لوضع إشكالية قطاع السمعي والبصري في مجملها، أو حتى تطلب من اللجنة الخاصة لنموذج التنمية لفتح محاور النقاش و أوراش طرح أفكار و الاستماع إلى المهنيين المحترفين في هذا القطاع.

عرض حول أعمال المحاكم المالية أمام البرلمان من طرف السيد الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات ( 28يناير2020 ):
عملا بمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 148 من الدستور، قدم الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، السيد إدريس جطو، يومه الثلاثاء 28 يناير 2020 عرضه السنوي أمام البرلمان بغرفتيه.

حيث انكبت ثالث 3 مهمات رقابية على تقييم تدبير كلل ملن الشركة الوطنية لإذاعة والتلفزة SNRT وشركة الدراسات والإنجازات السمعية البصرية ( 2M- SOREAD ) فمن المعلوم أن المشهد الإعلامي السمعي البصري يحظى بعناية كبرى لدى مختلف أوساط الرأي العام، كما يعرف تحديات بالغلة الأهمية، خاصة ملن خلال انتظارات المواطن لتوفير خدمات عمومية فلي هذا المجال ترقى إلى المستوى المطلوب، وكذا في سياق المنافسة الحادة التلى تعرفها الشركتان إثر التوسع المتزايد ألنشطة كبريات القنوات الفضائية الأجنبية وتعدد وسائط الاتصال الحديثة.
ويتبين أن الوضعية المالية للشركتين العموميتين جد حرجة. فقد عرفت النتيجة الصافية للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تدهورا ملحوظا سنة 2012، حيث سجلت عجزا بلغ 35,146 مليون درهم، وعلى الرغم من التحسن الطفيف خلال السنوات اللاحقة فإن الشركة تواجه العديد من الصعوبات لإيجاد مستوى من الاستقرار.
أما شركة “صورياد” ( 2M- SOREAD )، فتعرف وضعيتها تفاقما أكبر حيث تسجل منذ سنة 2008 نتائج سلبية، إذ تكبّـدت الشركة في المتوسط خسارة سنوية قدرها 100 مليون درهم خلال الفترة 2008-2018 ،مما لا يسمح لها بالقيام بالاستثمارات الضرورية لتحديث مختلف مرافقها. ومن حيث الموارد المالية، تجدر الإشارة إلى أن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تعتمد أساسا على الإعانات المقدمة من طرف الدولة، والتي بلغت سنة 2018 ما قدره 931 مليون درهم. بينما الموارد الذاتية للشركة والمكوّنة أساسا من مبيعات المساحات الإشهارية تبقى ضعيفة، حيث لم تتجاوز 13 %من تمويلها منذ سنة 2013 .
وبالمقابل تعتمد شركة “صورياد”( 2M- SOREAD ) في تمويلها، بشكل أساسي، على عائدات الإشهار حيث لا تتعدى إعانات الدولة، منذ سنة 2013 ، في المتوسط 50 مليون درهم سنويا، أي بنسبة 7 % من إيرادات الشركة. ويرى المجلس أن النموذج الاقتصادي الذي تعتمده شركة “صورياد “( 2M- SOREAD ) يجعل إمكانية التوفيق بين الربحية المالية والتزامات الخدمة العمومية أمرا صعبا، علما أن دفتر التحملات يفرض عددا معينا من الالتزامات لبث الإشهار. ومن خلال تقييمه لتدبير الشركتين، يسجل المجلس عدم تجديد عقود البرنامج بين الدولة والشركتين العموميتين منذ سنة 2012 ، وهو ما يتناقض مع الدور الاستراتيجي الذي ينتظر أن يلعبه القطاع السمعي البصري العمومي، كما أنه يتعارض مع مقتضيات القانون رقم 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري الذي ينص على أن المخصصات من الميزانية التي تمنحها الدولة للشركتين تكون بناء على عقود برامج.

وإلى جانب ذلك، لاحظ المجلس الأعلى للحسابات أن هاتين الشركتين العموميتين، على الرغم من أوضاعهما المالية الحرجة وكونهما تتوفران على نفس الرئيس المدير العام فإنهما لا تشكلان قطبا موحدا يمكنهما من العمل في ظروف أفضل من حيث التنسيق والتكامل في الأنشطة والاقتصاد في تدبير الموارد.
وتجدر الإشارة إلى أن المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري سبق أن أصدر سنة 2006، بالموازاة مع تعيين الرئيس المدير العام لشركة “صورياد”، رأي ا أكد فيه على الحاجة إلى تجميع وتقريب مكوّنات القطاع السمعي البصري العمومي في قطب عمومي موحد، متنوّع ومتكامل، مع الاستفادة من إنجازات الشركتين الحاليتين.
وبناء على هذا التقييم يؤكد المجلس على الصبغة الاستعجالية التي تكتسيها إعادة هيكلة القطاع السمعي البصري في بلادنا وتجميع مكوّناته ضمن قطب عمومي موحد. ويرى المجلس أننا تأخرنا كثيرا في أخذ المبادرة، إذ بعد مضي أكثر من 13 سنة على المراحل الأولى للإصلاح، لم يتم بعد إنشاء هذا “القطب السمعي البصري العمومي”، الذي سيكون من بين وظائفه تحديث القطاع وإحداث نوع من التكامل والتنسيق خاصة في سياق المنافسة القوية للشبكات الفضائية الأجنبية.