الملك يترأس المجلس الوزاري

المجلس الوزاري والملك محمد السادس: إطلاق خريطة الاقتصاد 2026 وتعزيز الإصلاحات

© أيقونة : مع وكالة المغرب العربي للأنباء //

2025/10/19 :
في خطوة استباقية لتحديد المسار الاقتصادي والاجتماعي للمملكة، ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اليوم الأحد بالقصر الملكي في الرباط، مجلساً وزارياً حاسماً. خُصص هذا المجلس للتداول في التوجهات العامة لمشروع قانون المالية برسم سنة 2026، والذي يُعد وثيقة استراتيجية تحدد أولويات المرحلة المقبلة.

يأتي انعقاد المجلس الوزاري  في ظل سياق دولي يتسم باللايقين، ليرسم خريطة طريق طموحة قائمة على تعزيز النمو الاقتصادي، وإطلاق برامج التنمية المجالية، ومواصلة إصلاح الأوراش الكبرى مثل تعميم الحماية الاجتماعية وتمكين الشباب.

فما هي أبرز محطات هذا المجلس الوزاري الاستثنائي، وما هي الأولويات الأربع الكبرى التي سيرتكز عليها اقتصاد المغرب في 2026؟

أعلن بلاغ للديوان الملكي أن الملك محمد السادس ترأس، اليوم الأحد بالقصر الملكي في الرباط، مجلسا وزاريا

وذكر البلاغ أن المجلس الوزاري خصص للتداول في التوجهات العامة لمشروع قانون المالية برسم سنة 2026، والمصادقة على مشاريع قوانين تنظيمية، ومشروعي مرسومين يهمان المجال العسكري، إضافة إلى عدد من الاتفاقيات الدولية، ومجموعة من التعيينات في المناصب العليا.

وطبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، يورد بلاغ الديوان الملكي، قدمت وزيرة الاقتصاد والمالية عرضا أمام الملك محمد السادس حول الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية لسنة 2026.

وأبرزت الوزيرة أنه تم إعداد هذا المشروع في ضوء التوجيهات والتعليمات الملكية الواردة على الخصوص في الخطابين الأخيرين بمناسبتي عيد العرش المجيد، وافتتاح السنة التشريعية، ويندرج في سياق دولي يطبعه اللايقين، ما أثر على آفاق النمو الاقتصادي على الصعيد العالمي.

وعلى الصعيد الوطني من المتوقع أن يسجل الاقتصاد الوطني نموا بـ 4,8%، برسم السنة الحالية، مدعوما بانتعاش الطلب الداخلي، وحيوية النسيج الإنتاجي، نظرا للدينامية الملحوظة التي تعرفها الأنشطة غير الفلاحية.

وتعززت هذه النتائج الاقتصادية المشجعة بفضل التحكم في التضخم في حدود 1,1% متم شهر غشت 2025، والتحكم المتواصل في عجز الميزانية في حدود 3,5% من الناتج الداخلي الخام.

كما يتوخى مشروع القانون المالي تسريع أوراش “المغرب الصاعد”، وتحقيق تنمية وطنية تجمع بين العدالة الاجتماعية والتنمية المجالية المندمجة، في خدمة كل المواطنين على قدم المساواة.

 

أولويات قانون المالية 2026: توطيد المكتسبات الاقتصادية

ولهذه الغاية، يزيد البلاغ، يقوم مشروع قانون المالية لسنة 2026 على أربع أولويات كبرى؛ أولها توطيد المكتسبات الاقتصادية لتعزيز مكانة بلادنا ضمن الدول الصاعدة:

من خلال تحفيز الاستثمارات الخاصة، سواء منها الوطنية أو الأجنبية، والإسراع بالتنزيل الفعال لميثاق الاستثمار، وتفعيل عرض المغرب للهيدروجين الأخضر، والتحسين المستمر لجاذبية مناخ الأعمال، وتقوية الشراكة المبتكرة بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى تنويع مصادر تمويل الاقتصاد.

وسيتم إيلاء عناية خاصة للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، التي تعتبر من أهم مصادر التشغيل في النسيج الإنتاجي الوطني، ولاسيما عبر تفعيل آلية جديدة للمساعدة التقنية، والدعم المالي لاستثماراتها، لفائدة إحداث مناصب الشغل وتحقيق العدالة المجالية.

وفي الإطار نفسه سيتم تكثيف الجهود لإدماج الشباب والنساء في عالم الشغل، وكذا لتقليص آثار الجفاف على التشغيل بالمجال القروي، بالإضافة إلى مواصلة برنامج دعم مربي الماشية وإعادة تشكيل القطيع الوطني.

 

إطلاق الجيل الجديد من برامج التنمية المجالية المندمجة

وتتجلى الأولوية الثانية في إطلاق الجيل الجديد من برامج التنمية المجالية المندمجة؛ من خلال التركيز على ترصيد الخصوصيات المحلية، وتعزيز الجهوية المتقدمة، وعلى مبدأ التضامن بين المجالات الترابية، وسيتم إعدادها بناء على تشاور موسع مع مختلف الفاعلين المعنيين على المستوى الترابي،

مع إعطاء الأولوية لإحداث مناصب الشغل للشباب، والدعم الفعلي لقطاعات التربية والتعليم، والصحة، إضافة إلى التأهيل المجالي، وسيتم إعطاء عناية خاصة في هذا الإطار، للمناطق الأكثر هشاشة، خاصة مناطق الجبال والواحات، وللتنمية المستدامة للسواحل الوطنية، وكذا لتوسيع نطاق البرنامج الوطني لتنمية المراكز القروية الصاعدة.

 

تعزيز الميزانيات: قطاعا الصحة والتربية الوطنية في الصدارة

ومن جهة أخرى، وتنفيذا للتوجيهات الملكية، سيتم التركيز خلال 2026، على تعزيز المجهود الميزانياتي المخصص لقطاعي الصحة والتربية الوطنية، ليصل إلى غلاف مالي إجمالي يقدر بـ140 مليار درهم،

بالإضافة إلى إحداث أزيد من 27.000 منصب مالي لفائدة القطاعين. وبالنسبة لقطاع الصحة سيتم التركيز على تحسين العرض الخاص بالبنيات التحتية الصحية، وذلك من خلال افتتاح المركزين الاستشفائيين الجامعيين :

بكل من أكادير والعيون، واستكمال أشغال بناء وتجهيز المركز الاستشفائي ابن سيناء بالرباط، ومواصلة أشغال بناء المراكز الاستشفائية الجامعية بكل من بني ملال، وكلميم، والرشيدية، إضافة إلى إطلاق عملية تأهيل وتحديث 90 مستشفى.

وبموازاة ذلك سيتم العمل على تسريع تنزيل خارطة الطريق لإصلاح المنظومة التربوية، عبر تسريع تعميم التعليم الأولي، وتعزيز خدمات دعم التمدرس، وتحسين جودة التعليم.

 

توطيد أسس الدولة الاجتماعية ومواصلة الحماية الاجتماعية

أما المبدأ الثالث فيرتبط بمواصلة توطيد أسس الدولة الاجتماعية؛ من خلال مواصلة تنزيل الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، ومواصلة تفعيل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر لفائدة 4 ملايين أسنة،

مع الرفع من القيمة الشهرية لإعانات الأطفال بمبالغ تتراوح بين 50 و100 درهم لكل طفل من الأطفال الثلاثة الأوائل، مع تفعيل الإعانة الخاصة بالأطفال اليتامى والأطفال المهملين نزلاء مؤسسات الرعاية الاجتماعية،

وذلك بالإضافة إلى تفعيل باقي مرتكزات هذا الورش، ولاسيما توسيع الانخراط في أنظمة التقاعد، وتعميم التعويض عن فقدان الشغل، إضافة إلى مواصلة برنامج الدعم المباشر لاقتناء السكن الرئيسي.

 

الإصلاحات الهيكلية الكبرى وحوكمة السياسات العمومية

أما الأولوية الرابعة فحددت ضمن مواصلة الإصلاحات الهيكلية الكبرى والحفاظ على توازنات المالية العمومية، ولاسيما من خلال إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية، الذي يجسد تحولا عميقا في نموذج حكامة السياسات العمومية،

ويتجه بشكل أكبر نحو المساءلة وتحقيق النتائج، إضافة إلى تكريس الالتقائية والتوطين المجالي لتدبير هذه السياسات.

كما سيتم الحرص على التسريع بإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية، من خلال مواصلة إعادة هيكلة المحفظة العمومية، وتحسين مردوديتها، إضافة إلى تعزيز نجاعة استثماراتها، وفق منظور للتوزيع المجالي المتوازن،

إضافة إلى مواصلة إصلاح المنظومة القضائية وتحديثها، بهدف تقريب العدالة من المواطن، وتعزيز جاذبية مناخ الأعمال.

 

 

المصادقة على مشاريع قوانين تنظيمية: تخليق الحياة السياسية

وبعد أن صادق المجلس الوزاري على التوجهات العامة لمشروع قانون المالية برسم سنة 2026، تمت المصادقة على أربعة مشاريع قوانين تنظيمية؛ ويتعلق الأمر بمشروعي قانونين تنظيميين يتعلقان، على التوالي، بمجلس النواب وبالأحزاب السياسية.

ويهدف مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب إلى تخليق الاستحقاقات التشريعية المقبلة وضمان سلامتها، وإفراز نخب تحظى بالشرعية والثقة،

وذلك من خلال تحصين الولوج إلى المؤسسة النيابية في وجه كل من صدرت في حقه أحكام يترتب عليها فقدان الأهلية الانتخابية، واعتماد الحزم اللازم لاستبعاد كل من تم ضبطه في حالة التلبس بارتكاب أي جريمة تمس بسلامة العمليات الانتخابية؛

علاوة على تشديد العقوبات المقررة لردع كل المحاولات التي قد تستهدف سلامة العمليات الانتخابية في جميع أطوارها.

ولتحفيز الشباب الذين لا تفوق أعمارهم 35 سنة، على ولوج الحقل السياسي، يتوخى هذا المشروع مراجعة شروط ترشحهم وتبسيطها، سواء في إطار التزكية الحزبية أو بدونها، وإقرار تحفيزات مالية مهمة لمساعدتهم على تحمل مصاريف الحملة الانتخابية،

من خلال منحهم دعما ماليا يغطي 75% من مصاريف حملاتهم الانتخابية.

كما يقترح المشروع تخصيص الدوائر الانتخابية الجهوية حصريا لفائدة النساء دعما لحضورهن في المؤسسة النيابية.

وفي ما يخص مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية فيهدف بالأساس إلى تطوير الإطار القانوني المنظم لها، ووضع القواعد المساعدة لتعزيز مشاركة النساء والشباب في عملية تأسيس الأحزاب،

وكذا تحسين حكامتها، وضبط ماليتها وحساباتها، في أفق تأهيل العمل الحزبي ببلادنا، ليواكب التطورات المتسارعة التي يشهدها المجتمع المغربي.

المحكمة الدستورية وإصلاح منظومة العدالة

ويتعلق مشروعا القانونين التنظيميين الآخرين، على التوالي، بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، وبتغيير وتتميم القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية.

ويندرج المشروع الأول في إطار تنزيل أحكام الفصل 133 من الدستور الذي خول للمحكمة الدستورية صلاحية البت في الدفع، المثار من لدن أحد أطراف النزاع في قضية، بعدم دستورية قانون يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور.

ويأخذ هذا المشروع بعين الاعتبار قرار المحكمة الدستورية في شأن بعض الأحكام التي اعتبرتها مخالفة للدستور.

كما يهدف المشروع المتعلق بالمحكمة الدستورية إلى الرفع من فعالية أداء هذه المحكمة وتحسين قواعد اشتغالها، ولاسيما من خلال تحديد الجهة التي يمكنها الطعن في عملية ونتائج انتخابات أعضاء المحكمة الدستورية المنتخبين من لدن أعضاء مجلسي البرلمان،

وإعفاء المحكمة الدستورية من تبليغ قراراتها المتعلقة بالطعون الانتخابية الخاصة بانتخابات أعضاء مجلسي البرلمان، إلى الأطراف المعنية، وإسناد هذا الاختصاص إلى السلطة المكلفة بتلقي التصريحات بالترشيح لهذه الانتخابات، وكذا إضافة مقتضى ينص على أن العضو المعين أو المنتخب الذي يحل محل عضو قبل انتهاء مدة انتدابه، لأي سبب من الأسباب، لا يمكن إعادة تعيينه أو انتخابه بالمحكمة الدستورية إذا كانت الفترة التي استكملها تفوق ثلاث سنوات.

 

الاتفاقيات الدولية: تعزيز شراكات المغرب الاستراتيجية

إثر ذلك صادق المجلس الوزاري على مشروعي مرسومين يهمان المجال العسكري؛ ويتعلق الأول بالنظام الأساسي الخاص بموظفي المديرية العامة لأمن نظم المعلومات بإدارة الدفاع الوطني،

ويهدف على الخصوص إلى إرساء نظام أساسي خاص بموظفي هذه المديرية العامة، يمكن من استقطاب الكفاءات المؤهلة من خلال اعتماد أساليب توظيف مرنة وناجعة، وإقرار تعويض تحفيزي يتناسب مع طبيعة المهام الحساسة الموكلة إليهم.

أما مشروع المرسوم الثاني فيقضي بتغيير وتتميم مقتضيات المرسوم المتعلق بتنظيم وتسيير المدرسة الملكية لمصلحة الصحة العسكرية، من أجل ملاءمتها مع النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بإصلاح المنظومة الصحية الوطنية،

بالإضافة إلى تمكين المترشحين المقبولين بهذه المدرسة من الاستفادة من الوضعية المالية المخولة للتلاميذ الضباط بمختلف المدارس العسكرية؛ إضافة إلى إحداث “مجلس البحث العلمي”، الذي يتولى تحديد محاور البحث العلمي والقيام بالأنشطة ذات الصلة.

وفي إطار مواصلة تعزيز علاقات الشراكة والتعاون التي تجمع المغرب بعدد من الدول الشقيقة والصديقة، وتعزيز مكانته على الصعيدين القاري والدولي، صادق المجلس الوزاري على 14 اتفاقية دولية،

منها عشر اتفاقيات ثنائية، وأربع اتفاقيات متعددة الأطراف. وتتعلق الاتفاقيات الثنائية بمجالات التعاون القضائي والعسكري والضمان الاجتماعي، والخدمات الجوية والاعتراف المتبادل برخص السياقة، وتفادي الازدواج الضريبي.

أما الاتفاقيات متعددة الأطراف فتخص استضافة المغرب مقرين دائمين المنظمة الإفريقية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، واتحاد المجالس الاقتصادية والاجتماعية والمؤسسات المماثلة في إفريقيا، وكذا بروتوكول لندن بشأن قواعد نقل الركاب وأمتعتهم بحرا، واتفاقية جنيف بشأن تحديث وثائق هوية البحارة.

تعيينات في المناصب العليا: إدارة ترابية جديدة

وطبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وباقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من وزير الداخلية، تفضل الملك محمد السادس بتعيين عدد من الولاة والعمال بالإدارة الترابية:

1. خطيب الهبيل في منصب والي جهة مراكش-آسفي وعامل عمالة مراكش.

2. خالد آيت طالب في منصب والي جهة فاس-مكناس وعامل عمالة فاس.

3. امحمد عطفاوي في منصب والي جهة الشرق وعامل عمالة وجدة-أنجاد.

4. فؤاد حاجي في منصب عامل إقليم الحسيمة.

5. حسن زيتوني في منصب عامل إقليم أزيلال.

6. سيدي الصالح داحا في منصب عامل إقليم الجديدة.

7. عبد الخالق مرزوقي في منصب عامل عمالة مقاطعات الدار البيضاء-أنفا.

8. محمد علمي ودان في منصب عامل إقليم زاكورة.

9. مصطفى المعزة في منصب عامل إقليم الحوز.

10. رشيد بنشيخي في منصب عامل إقليم تازة.

11. محمد الزهر في منصب عامل عمالة إنزكان-آيت ملول.

12. محمد خلفاوي في منصب عامل إقليم الفحص-أنجرة.

13. زكرياء حشلاف في منصب عامل إقليم شفشاون.

14. عبد العزيز زروالي في منصب عامل إقليم سيدي قاسم.

15. عبد الكريم الغنامي في منصب عامل إقليم تاونات.

كما عين الملك محمد السادس، باقتراح من رئيس الحكومة ومبادرة من وزيرة الاقتصاد والمالية، طارق الصنهاجي في منصب رئيس الهيئة المغربية لسوق الرساميل.

كلمات لها صلة بالموضوع :

 مرحبًا بك في موقعنا الإخباري المثير  " أيقونة بريس" ، حيث يتلاقى الحدث بالتحليل، والتقارير بالشغف. نحن هنا على مدار الساعة، جاهزون لنقدم لك أحدث الأخبار الوطنية والدولية، وليس فقط ذلك، بل نغوص أيضًا في عوالم الرياضة، الثقافة، والاقتصاد.

فريقنا المكون من صحفيين محنكين ليسوا فقط خبراء في مجال الإعلام، بل هم أيضًا روّاد في فن السرد. نحن نقوم بتحليل القضايا بشكل شيق ومثير، لنقدم لك تفاصيل لا تجدها في أماكن أخرى.