العزوف عن الانتخابات

العزوف عن الانتخابات: هل أصبحت الانتخابات عملية بدون جدوى

©ايقونة : هشام العصادي//

15‏/09‏/2024
ما هي العوامل والأسباب المحتملة التي تفسر الانخفاض المهول لنسبة المشاركة في هذه الانتخابات؟ و هل لازال المواطن يضع في صلب إهتمامه إختيار من يمثله محليا ؟

يتضح من خلال قراءة تحليلية لحصيلة الانتخابات التشريعية الجزئية في دائرة المحيط بالرباط والتي أظهرت انخفاضا والعزوف عن الانتخابات في نسبة المشاركة، وكشفت أن هناك عدة عوامل تكون سببا بشكل أو آخر وراء هذا العزوف السياسي،

وفي هذا المقال سنقدم بعض التفسيرات التالية:

المشاركة في الانتخابات عملية بدون جدوى

ينبغي القول بأن الثقة في العملية السياسية أضحت متذبذبة، فالمواطن الذي يقوم بالتصويت أصبح يشعر بأن مشاركته في الانتخابات هي عملية بدون جدوى لن تحدث فرقًا حقيقيًا في السياسات العامة وبالتالي التصويت من عدمه ليس له قيمة إضافية.

خيبة الأمل من التجارب الانتخابية السابقة

كما أن العديد من التجارب الانتخابية السابقة ومنذ عقود لم يفي فيها المنتخبون بوعودهم وبمجرد ما يحظون بالكراسي يتوارون عن الأنظار، والقليل منهم من يعمد إلى التواصل مع الساكنة التي منحتهم الترشيح للنيابة عنهم في المؤسسات التشريعية،
وهذا يشكل للناخبين خيبة أمل كبيرة تدفع الناس إلى العزوف عن الانتخابات.

المرشح يقدم الوعود وليس البرامج:

أغلب المرشحين يعدون الساكنة بأحلام وردية ويتفننون في نسخ برامج انتخابية يستحيل إنجازها وقد لا تلبي احتياجات المواطنين، وهذا طبعا يؤدي إلى فقدان الثقة في المرشح السياسي.

العزوف عن الانتخابات

اليأس من المخططات السابقة :

الشعور لدى المواطنين بعدم الرضا وعدم الإقتناع بمخططات سابقة لم تحقق نتائج ملموسة، سبب رئيسي لعزوف شبه كلي عن المشاركة في العملية الانتخابية.

الحملات الانتخابية ضعيفة بلا جدوى :

ظاهرة مهمة أصبحنا مُـتعوّدين عليها، وهي أن الحملات الانتخابية في الغالب تكون بنفس السيناريو، غير فعالة وركيكة، والأكثر من هذا تبقى عديمة الجدوى، مما يفقد المواطن ثقته الكاملة في هذا المسلسل ” الانتخابات” .

الظروف السوسيو اقتصادية :

على إثر الأزمات الاقتصادية والمشاكل الاجتماعية الناجمة عنها، لا يُـديرالناس إهتمامًا بالغا بالشأن السياسي بل لا ينشغلون بها على حساب معيشهم اليومي ومشاكلهم الخاصة والمهنية.
وبذلك الظروف السوسيو اقتصادية لها دور كبير في تقليل اهتمام المواطن بالمشاركة في الانتخاب.

ضعف الوعي السياسي:

هناك أيضا حالة أخرى تساهم في ضعف المشاركة السياسية وهي انعدام الوعي السياسي والمدني وذلك بالنظر الى ضعف الثقافة السياسية التي يتلقاها الفرد بالمدرسة، والتربية على المواطنة،
ناهيك عن تفشي الأمية في أوساط الفئات المهمّشة هذا كله قد يؤدي إلى عدم إدراك أهمية المشاركة في الانتخابات وبالخصوص المحلية .

يترشحون لقضاء مصالحهم الخاصة :

التجارب السابقة كشفت عن ضعف المردودية لدى المنتخبين والأحزاب يشعر بعض الناخبين بأن الهيئات الحزبية والذين يصوتون عليهم لا يمثلون مصالحهم أو لا يهتمون إلا بمصالحهم الشخصية على حساب المصالح الحقيقية للمواطنين.

تأثير وسائل التواصل الاجتماعي:

تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورا له وجهين، الأول تكون وسيلة لنشر الوعي ، والثاني تكون وسيلة لنشر الأخبار المضللة والزائفة، والمنشورات السلبية، ومنشورات التحريض،
وكل هذا ينعكس سلبا على العملية الانتخابية وكل هذا يشكل عاملا مؤثرا على رغبة الناس في المشاركة.

تاريخ الانتخاب غير المناسب يحرم الناس من التصويت:

في بعض الأحيان وحسب المناطق الجغرافية يصعب الوصول إلى بعض مراكز الاقتراع لظروف طبيعية أو قوة قاهرة (مرض ،تعب،انشغالات طارئة )، مما يُـفوّت على المواطن ممارسة حقه في اختيار مرشحيه،
وقد يكون يوم الإقتراع غير مناسب و ملائم لبعض الناس مما يعيق المشاركة.

النتيجة معروفة مسبقا:

أصبح الاعتقاد السائد هو أن نتيجة الانتخابات محسومة مسبقًا ، ما يزيد في عدم الاهتمام بالذهاب للتصويت، ومن الصعب إقناع الناس بأن الواجب هو التصويت لتكذيب النتيجة المحسومة.

تأثير عوامل خارجية بفعل الأزمات الإقليمية أو العالمية:

قد ينشغل الناس بما يقع في محيطهم من أحداث حروب أو فتن على المستوى الإقليمي أو العالمي مما يُـشتت التركيز الذهـني ويجعلهم غير مهتمين حتى بأوضاع بلادهم عن وما يدورفي فلك السياسة المحلية.

خاتمة :

إن ظاهرة العزوف السياسي تشكل مأزقا في العملية الانتخابية، ففي كل محطة يصطدم المتتبع للشأن السياسي بتفاقم هذه الأزمة،
يجب العمل على إجراء إصلاحات سياسية فعلية وعميقة، تهدف إلى تحسين الشفافية، وتعزيز برامج التثقيف المدني وإنماء الحِـس والوعي السياسي لدى الفرد، وتربيته على المواطنة الحقة بمحاربة كل أشكال الظواهر المشينة التي تقلل من كرامة المواطن وإعادة بناء ثقته بالمؤسسسات،
مع تطويرآليات لزيادة مشاركة المواطنين في صنع القرار السياسي بشكل قار، وليس فقط خلال فترات الانتخابات.

كلمات مفتاحية :
العزوف السياسي- الانتخابات التشريعية – المشاركة السياسية – الثقة في العملية السياسية – الحملات الانتخابية

Author profile

هشام العصادي