الانتخابات الجزئية

الانتخابات الجزئية بالرباط: مهزلة تراجع الثقة في السياسيين

©ايقونة: هشام العصادي //

15‏/09‏/2024
كشفت الانتخابات الجزئية الأخيرة بالرباط على أزمة عميقة في النظام الانتخابي في المغرب. الانتخابات التي شاركت فيها نسبة 6.51 فقط ، من المواطنين تشير إلى انخفاض الثقة الذي أبداه المواطن في ممارسة عملية الديمقراطية، وفضائح شراء الأصوات باستعمال المال.

انتخابات جزئية : أين الناخبون؟

طبعت الانتخابات الجزئية التي جرت مؤخرًا في بعض الدوائر الانتخابية بالعاصمة الرباط (حي المحيط،، ديور الجامع، العكاري، اكدال، حي الرياض).
لم تسلم هذه النتائج الجديدة من التساؤل بخصوص نزاهة العملية الانتخابية ومستوى مشاركة الناخبين.

نسبة المشاركة بلغت حوالي 6.51 في المئة من إجمالي الناخبين 179,036 المسجلين في لوائح الانتخابات، أي حوالي 11,650 ناخبًا فقط ،

وهكذا تمثل هذه الفوارق الهامة أن هناك فجوة متزايدة بين المواطنين والسياسيين، وأن الثقة في الانتخابات تتراجع بشكل ملحوظ.

الانتخابات فضيغة في نسبة المشاركة:

كما سجلت الأصوات الملغاة نسبة جد مرتفعة، والتي بلغت 16.85 %، ما يعادل 1963 صوتا .

إن هذا يشير إلى أن هناك مشاكل في فهم الناخبين للعملية الانتخابية أو أن الكثيرين استخدموا هذا الخيار كوسيلة للاحتجاج بشكل صامت على النظام الانتخابي.

بالنسبة للنتائج :
٭التجمع الوطني للأحرار، 4685 صوتا ، ما يعادل 48.36٪ من الأصوات الصحيحة ،
٭الاتحاد الاشتراكي ، 2711 صوتا ، ما يعادل 27.99٪ من الأصوات،
٭حزب العدالة والتنمية ، 1452 صوت. ما يعادل 14.99٪ من الأصوات،
٭فيدرالية ، 836 صوتا، ما يعادل 8.63% من الأصوات.

تحالفات في الانتخابات لا تـسمن الجوع:

لكن، يعتبر من بين أحداث هذا البعد والإجراء غير المعتاد هو أن مرشح التجمع الوطني للأحرار من حزب التحالف الحكومي، الذي كان مدعومًا من تحالف الأغلبية (الاستقلال والأصالة والمعاصرة)، وأحزاب معارضة (الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية)،

لم يحصل إلا على 4,685 صوتًا. رغم كل هذه الجموع من الأحزاب ، وهو رقم يثير السخرية والاستهزاء.

وهذا أيضا يوضح ويكشف عدم الثقة في السياسيين بصفة عامة، بغض النظر عن حزبهم ، وهو يظهر تحولا عاما في التوجيه السياسي القادم .

العدالة والتنمية: من القمة في الانتخابات إلى آخر الترتيب:

أظهرت النتائج الانتخابية هذه تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية حيث لم يستطع الحزب دعم نفس القاعدة الانتخابية كما كان في السابق،

وكانت بعض الأحياء الراقية لا تزال تعطيه الأصوات الأعلى، وهو إشارة إلى تناقص الحزب في معظم القاعدة الانتخابية التقليدية (الأحياء الشعبية) التي استند عليها في الانتخابات السابقة ، لم يتمكن من استعادة قوته الانتخابية السابقة..
وهي إشارة لتغييرات كبيرة قد تحدث في هيكلية سياسية اللعبة المغربية.

فشل اليسار في جذب الناخبين

يقف اليسار بلا تأييد الناخبين فهو يحتشد حول خطاب يعبّر عن الفئات الأقل فقرًا والمهمشة بالمفهوم الاجتماعي والسياسي،

غير أن نبول شعبة اليسار وقف جامدا في حصوله على 836 صوتا فقط،، وهو أمر يحسس بالفجوة بين القوة الإقناعية للخطاب السياسي الاجتماعي والواقع المرير لعلاقة الناس المغاربة بالمفهوم نفسه،

ففشل اليسار في جذب الناخبين على الرغم من مزاياه العديدة وكفاحه الشرس في خنق الظلم وإعطاء الناس حقوقهم.

الأحياء الغنية والأحياء الفقيرة لم تعد تهتم بالانتخابات:

كانت نسبة المشاركة في الأحياء المتوسطة والراقية ضعيفة جدًا، حيث لم تتجاوز 5%، بينما كانت المشاركة في الأحياء الشعبية أعلى نسبيًا.

هذا الفارق يعكس الفجوة بين الشرائح الاجتماعية وكيفية تعاملها مع العملية الانتخابية، مما يسلط الضوء على الدور الذي قد يلعبه المال والإغراءات في التأثير على قرار الناخب.

شراء الأصوات: ظاهرة أصبحت عادة في الانتخابات:

لا يمكن إغفال قضية شراء الأصوات التي كانت واضحة خلال هذه الانتخابات، حيث علق أحد الناخبين مازحًا: اللهم الزرقا ولا والو”.

هذه التصريحات تُظهر مدى تأثير المال في العملية الانتخابية وتساهم في تعميق أزمة النزاهة.
وسيظل شراء الأصوات في الانتخابات المغربية ظاهرة غريبة حتى أصبحت عادة سارية العمل، ولم يُغفل عليها أحد لأنها إشارة واضحة لعمق الأزمة الأخلاقية.

خلاصة: هل فقد المواطن ثقته في النظام السياسي؟

في النهاية، نتائج الانتخابات الجزئية الأخيرة بالرباط تؤكد وجود أزمة ثقة عميقة بين المواطنين والنظام السياسي.

نسبة المشاركة المتدنية البالغة 6.51% تدل على عزوف كبير عن المشاركة السياسية، وهو مؤشر على ضرورة إعادة النظر في النظام الانتخابي واستعادة ثقة المواطنين في العملية الديمقراطية.

والمهزلة هي فوز مرشح التجمع الوطني للأحرار بـ4,685 صوتًا فقط في دائرة تضم أكثر من 179 ألف ناخب، فهل نحن أمام أزمة سياسية أعمق مما نعتقد؟

دعونا نستحضر ما قاله أحد المتتبعين من حي المحيط : “نجاح مرشح الأحرار بهذه النتيجة يذكرني بنكتة تقول: إن أحدهم تقدم لإجراء امتحان للشغل وكان في قاعة الامتحان هو الوحيد، وعند تصحيح الأجوبة حصل على نقطة واحدة فقط، وفي الغد تم نشر أسمه بأنه ناجح “.
بينما كان من المنطقي إلغاء الامتحان لغياب المرشحين.

دعوة للتفاعل:

إذا كنت ترى أن هذه الانتخابات تعكس أزمة حقيقية في النظام الانتخابي المغربي، ندعوك لمشاركة أفكارك والتعليق على هذا المقال.
لا تنسَ الإعجاب، والتعليق، ومشاركة المقال مع أصدقائك، واشترك في مدونتنا لمتابعة أحدث التحليلات السياسية!

كلمات رئيسية :
#الانتخابات الجزئية #السياسة المغربية #الرباط #تراجع الثقة#المشاركة الانتخابية #التحالفات الحزبية #أزمة النظام الانتخابي #المال السياسي

Author profile

هشام العصادي