كفى حرماناً! لماذا نسلب الجماهير حق تشجيع فرقهم؟
© أيقونة: إيمان بنعلي//
09/11/2024
تخـيّـل مشجعو الرجاء البيضاوي، الوداد، الجيش، نهضة طنجة، المغرب الفاسي، وهم يحرمون من تشجيع فريقهم، هذا هو الواقع المؤلم الذي يعيشه عشاق كرة القدم المغربية بسبب قرار منع تنقل الجماهير.
قرار كارثي يهدد روح كرة القدم
هذا القرار ليس مجرد حِـرمان من المتعة، بل هو ضرب في صميم هوية الجمهور بجميع مكوّناته: المشجع والمحب والمتابع والمهتم الذي يعيش بكرة القدم بكامل حواسه.
منع تنقل الجماهير في مباريات الدوري المغربي يُثير استياءً واسعاً بين الجماهير، حيث يشعر الكثيرون بأن هذا القرار يحرمهم من حقهم في دعم فرقهم المفضلة داخل الملعب، خاصة في المباريات المهمة.
كم من مباراة جرت بدون جمهور في الموسم الماضي، ومن قبله أيضا؟
لقد أصبحنا رقم 1 في بطولة بدون جمهور، وهذا يضعنا أمام تناقض كبير:
كيف لبلد مقبل على تنظيم أكبر مسابقة عالمية: كأس العالم،
كيف لبلد اختارته ال”فيفا” لفتح مكاتب لها به،
وفي هذا البلد كرة القدم تعيش بلا جمهور
الجماهيرهي القلب النابض في الملاعب
والجميع يعلم أن الجمهور في الملعب يعتبر عنصرا حيوياً في خلق الأجواء المميزة التي تضفي نكهة خاصة على سير المباراة، ما يجعل المباريات أكثر حماساً وتشويقاً وأكثر فرجة.
الذي نعيشه أن قرار منع الجمهور أو ما يسمى مباراة بلا جمهور، هو قرار لا يحرم الجماهير فقط من هذه الأجواء، بل يؤدي أيضاً إلى فقدان الروح الحقيقية لكرة القدم والتأثير على جوانب أخرى مثل الجانب الاقتصادي الذي تجره كرة القدم بصفة عامة.
اللاعب رقم 12
وهكذا نكتشف ونلمس في الواقع أن أحد أكبر التأثيرات السلبية لقرار منع تنقل الجماهير، هو حرمانهم من أن يعيش تجربة حقيقية للمباريات،
حيث يشعر المشجعون بأنهم غير قادرين على تقديم الدعم اللازم لفرقهم عند اللعب خارج أرضهم. وباعتبار الجمهور انه اللاعب رقم “12” في أي فريق، فإن غيابهم يُقـلّـل من حماس اللاعبين ويؤثر على مستوى المنافسة.
حضور الجمهور يجعل اللاعبين يشعرون بأنهم ليسوا بمفردهم، خاصة في المباريات الحساسة والحاسمة، مما يتسبب في عدم القدرة على مواجهة الفريق الخصم بنفس الروح القتالية.
التأثير العام على كرة القدم المغربية
لا يشك أحد أن كرة القدم رياضة جماهيرية وشعبية بالدرجة الأولى، وبدون الجماهير، يفقد الدوري المغربي جزءاً كبيراً من جاذبيته، وجلب مستشهر أجنبي، لا يمكن بهذا الجمود تسويق منتوج الدوري المغربي إلى قنوات تلفزيون دولية مثل ” بي إن سبورت – BeIn Sports” أو “قناة السعودية الرياضية اس اس سي” أو قناة “الكأس الرياضية القطرية” .
ونعلم أن الشعارات أو ما يسمى “التيفو” التي تقوم بها جماهير الرجاء والوداد وطنجة احتلت الصف الأول مع فريق بوكا جينيور الأرجنتيني، وتناقلت الخبر أكبر وسائل الإعلام الدولية.
انتشار صور الملاعب المغربية المكتظة والمشحونة بالحماس مع رفع شعارات كبيرة الحجم ورفع أناشيد خاصة تمتزج بأهازيج شعبية، ساهم في رفع سمعة الكرة المغربية على مستوى القارة الأفريقية والعالمية.
ونتساءل لماذا لا نعمل على استغلال هذا التسويق والإشهار المجاني لكرة القدم المغربية؟
أقول المجاني هنا لأن العصبة الوطنية لكرة القدم لا تدفع مقابله أي ثمن، فالذي يدفع ثمن “التيفو” هم جمعيات ألأنصار من مالهم الخاص.
كل هذه التفاصيل وتفاصيل أخرى تؤكد أن غياب الجماهير عن الملاعب يُعتبر في بعض المباريات مشكلة تتجاوز الأندية والجماهير المحلية،
حيث إن الأجواء التي تصنعها الجماهير المغربية كانت دائماً جزءاً من رفع قوة مستوى الدوري المغربي أمام الجمهور الدولي.
فكما ذكرت الجمهور هو اللاعب “12” في الفريق، وهو يساهم في خلق أجواء تنافسية حماسية داخل الملعب. وفي حالة غياب الجمهور تتحوّل المباراة إلى “جنازة” يغلب فيها الصمت والملل والجمود، لا حماس ولا حرارة في التنافس،
والمؤكد هنا في غياب هذا الدعم المعنوي يجعل اللاعبين يشعرون بالعزلة والوحدة، وهذا طبعا يؤثر سلباً على أداء اللاعبين ويدفعهم لأكثر عرضة للأخطاء، وعموما ينقص مستوى الإثارة في مباريات الدوري الوطني.
والمهم في كل هذا أن اللاعبين بحاجة إلى جمهور ليحفِّـزهم ويدفعهم إلى تقديم أفضل ما لديهم.
دور العصبة الوطنية لكرة القدم
في هذا السياق، يُطرح التساؤل حول دور العصبة الوطنية الاحترافية لكرة القدم ورئيسها عبد السلام بلقشور، حيث يرى الكثير من المتابعين أن العصبة يجب أن تعمل على إيجاد حلول لتسهيل حضور الجماهير في المباريات بدلاً من فرض القيود عليهم.
إن العصبة الوطنية مسؤولة عن تنظيم المباريات وضمان توفير بيئة آمنة للجماهير، وقد يكون من واجبها أيضاً العمل بالتنسيق مع السلطات الأمنية لإيجاد حلول تنظم عملية تنقل الجماهير بشكل آمن ومنظم، دون اللجوء إلى المنع الكامل.
تلعب وسائل الإعلام والجماهير دوراً حيوياً في الضغط على المسؤولين لتغيير هذا القرار. من خلال تغطية واسعة لهذه القضية، وحملات إعلامية مكثفة، يمكن لوسائل الإعلام أن تساهم في خلق وعي عام بهذا المشكلة.
وفي المقابل، يمكن للجماهير أن تستغل هذه منصات التواصل الاجتماعي للتعبير عن غضبها، وتنظيم حملات ضغط فعالة. من خلال التعاون المشترك بين وسائل الإعلام والجماهير، يمكن تحقيق تقدم ملموس في طرح الحل لهذه القضية.
حلول واقعية قابلة للتطبيق
لا يمكن حل مشكلة “منع تنقل الجماهير” بشكل عاجل، بل تتطلب حلولاً مستدامة. ليس هناك مانع في البداية بتطوير تشريعات رياضية جديدة تنظم حضور الجماهير في الملاعب،
وتحدد حقوقهم وواجباتهم، وتوفير الأمن اللازم.
يجب أيضاً الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في مجال تنظيم المباريات الكبرى، وتطبيقها على الواقع المغربي.
التركيز على الحلول العملية: يجب أن تكون المقترحات واقعية وقابلة للتطبيق على أرض الواقع.
مشاركة جميع الأطراف المعنية: يجب أن تشمل الحلول المقترحة جميع الأطراف المعنية، من الجماهير إلى الأندية والسلطات الأمنية.
التركيز على المستقبل: يجب أن تكون الحلول موجهة نحو المستقبل، وأن تساهم في تطوير كرة القدم المغربية على المدى الطويل.
خاتمة
في النهاية، يبقى حق الجماهير في تشجيع فرقهم داخل الملاعب جزءاً لا يتجزأ من روح كرة القدم. وبدلاً من اتخاذ قرارات تُـقـيّـد حضورهم، يجب على العصبة الوطنية الاحترافية لكرة القدم البحث عن وسائل مبتكرة تضمن لهم حقهم في التشجيع ضمن بيئة آمنة مع احترام القانون.
التركيز على الوحدة الوطنية
• الجماهير ركيزة أساسية للأندية وهم شركاء حقيقيون في نجاحها. يجب أن نعمل جميعاً، لاعبين وإداريين وجماهير ومسؤولين، من أجل صياغة مستقبل متحضر وناضج لهذه الرياضة.
الأكيد بتضافر الجهود، يمكننا بناء كرة قدم مغربية قوية ومتماسكة عصرية، تعكس هوية وطننا وتجمعنا جميعاً.
الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية
• لا يقتصر تأثير منع الجماهير على المباراة فحسب، بل يتعداه إلى الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية. فالجماهير هم الداعم المادي الأول للأندية، وغيابهم يؤثر سلباً على إيراداتها.
مقابل ذلك، فإن كرة القدم تلعب دوراً هاماً في التماسك الاجتماعي، وتوفير فرص للترفيه والتسلية.
لذلك، فإن إعادة الجماهير إلى الملاعب هو أمر ضروري لتحقيق التنمية الشاملة.
إن كرة القدم المغربية تحتاج إلى جماهيرها بقدر ما تحتاج إلى تطوير القرارات واستراتيجية العمل تساير مستوى تقدم الدول التي تغلبت على هذه الظاهرة منذ سنين.
شاهدوا الدوري السعودي، هل سمعتم جرى منع الجمهور؟
نحن نتابع دوري إسبانيا، إيطاليا، ألمانيا، إنجلترا، هل سمعتم منع الجمهور؟
نحن مع الأسف متشبثون بالنموذج الفرنسي، الذي فيه قرارات منع جمهور مرسيليا وباريس، لكن هذا النموذج هو أضعف ما يوجد في أوروبا، وأكبر ذليل هو مستوى البطولة أضعف من إسبانيا وإنجلترا وألمانيا.
الكلمات المفتاحية:
منع تنقل الجماهير- كرة القدم المغربية – العصبة الوطنية – الأندية – مستقبل كرة القدم.
إيمان بنعلي
صحفية مغربية يمكن وصفها "صوت الشباب"، أو "ناقدة جريئة" تتميز بأسلوبها السردي الرصين والتعبيرات العميقة. تجمع في كتاباتها بين اللغة الشعبية المعاصرة والسرد السلس، مما يجعلها فريدة من نوعها. تشتهر بنقدها الجريء والمباشر، خاصة في المجال الرياضي الذي توليه اهتماماً خاصاً. بدأت مسيرتها الصحفية بمحتوى بصري حول الشغب في الملاعب، لتثبت موهبتها في تحويل التحديات إلى محتوى مؤثر.