أخلاق الحياة السياسية: بعد “فضائح الرياضة” كل شيء مستمر كما كان من قبل!

©أيقونة بريس: عبد الإله بوزيد :

هل يمكن أن نقول اليوم أن التداعيات السلبية لقضايا وفضائح الرياضة المغربية كانت بمثابة حافز قوي للتعجيل بظهور حقبة سياسية نزيهة وفاضلة؟ يجمع الحكم الرشيد والتسيير العقلاني بين أربعة مبادئ أساسية:


من يحارب الفساد الرياضي؟ :
– لا أحد .
المسؤولية والمُـسائلة والشفافية والعدالة والمساوات. هذه المبادئ لها نتيجة طبيعية للتحكم في الامتثال لمحاربة الفساد وسوء الإدارة والاختلاس، لضمان المُـسائلة والعقوبات، وتقييم العمليات والبرامج وخاصة النتائج من أجل بلوغ الأهداف المستقبلية التي تتماشى مع السياسة العامة الوطنية للدولة.
لذلك فإن الحكامة الرشيدة تتطلب إعادة تأهيل السيطرة وإضفاء الطابع المؤسسي والقانوني لمواجهة ومحاربة وقطع العمل ب : ” سلطة البيروقراطية ” هذه السلطة التي صنعها ويطبقها كل من يرفض تطبيق ربط المسؤولية بالمحاسبة .
يجب أن يكون كل قطاع في وزارة الشباب والرياضة قادرًا على تطبيق العمل لتحقيق إجراءات وتدابير قوية يتخذها على المدى القصير للخروج من الركود الحالي وبدء الديناميكية للمستقبل.
من يتحكم في الوزارة ؟ :
هذا يفترض القطع الجذري مع المنظومة الحالية والعقلية السائدة التي يتحكم بها بعض الموظفين أصحاب المسؤولية. نعم هؤلاء حصلوا على ” منصب المسؤولية ” إما بالعلاقة مع حزب الوزير، أو حزب الكتابة العامة، أو بالعلاقة الشخصية، ونجد هنا نفس الأشخاص اشتغلوا مع الوزراء الذين تعاقبوا على قطاع الرياضة منذ ال20 سنة وأكثر، منهم من كان مع ” الحركة ” وغـيّـر القميص مع ” الأحرار ” عند تعاقب وزراء الحزبين. ( نوال المتوكل، بلخياط، الطالب العلمي- أوزين، العنصر، السكوري).
هؤلاء طيلة خدمتهم مع وزرائهم، لم يرفعوا بقطاع الرياضة إلى مستوى التنمية اجتماعيا واقتصاديا، بل منهم من أساء لسمعة الوطن ولم يستطع تسيير حتى ملعب رياضي .
كيف لهؤلاء أن نسلّمهم مسؤولية تدبير سياسة الرياضة الوطنية؟
رياضة المستوى العالي ( sport de haut niveau ) من يسيّرها ؟
هل الوزارة يسيّـرها ويتحكم بها فاشلون أم أطر لهم كفاءات عالية؟
نحن نعرف الأجوبة والواقع أمامنا، لا نتائج دولية، ولا مستوى في البطولات الوطنية، ولا جمهور ولا اهتمام، ويا حسرتاه، الرياضة تموت، أين كرة الطائرة، وكرة السلة من ذبحها في السنة الماضية؟ أين الريكبي، أين المصارعة، أين الملاكمة، وكرة الطاولة، الجيدو، حتى كرة المضرب وحتى ألعاب القوى،،،
الوزارة الوصية على الرياضة تتعامل مع الجامعات في إطار العلاقات الشخصية، أو ما يسمى الزبونية، علاقة الاستفادة المتبادلة والربح المشترك من التمويل والدعم المالي، يعني المال العام.
لا مراقبة ولا محاسبة ولا مسائلة، وهذا مستمر منذ سنين وسنين ويسمّى ” المشاركة في الفساد”.
هنا نموذج واحد نكتفي به: المفتشية العامة؛ من أهم اختصاصاتها السهر على سلامة تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية وعلى حسن تدبير الأموال العمومية، لكن هذه المفتشية لا تناقش وتحاسب الجامعات التي تضرب القانون على الحائط،، جامعات لا تحترم تاريخ انعقاد الجمع العام، جامعات يرأسها رئيس لمدة 20 سنة، جامعة قدمت التقرير المالي لمدة 9 أشهر فقط بينما القانون الصادر في الجريدة الرسمية هو 12 شهرا.
“فورمطاج” الوزارة :
إننا نعرف الغياب التام لأي سياسة وطنية أو مخطط وطني للرياضة والشباب في سياسة الوزارة، لأنه تغيب بشكل واضح الإرادة السياسية لفرض التغيير.
يجب إيلاء اهتمام خاص لسياسة عصرية التي تشكل بيئة الأعمال المباشرة: تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والرقمنة، والذكاء الاقتصادي- الرياضي، والنظام المالي في قطاع الرياضة، ويجب أن نهتم بالدبلوماسية الرياضية الموازية لنواجه أعداء وطننا ووحدتنا الوطنية، لأنه غير معقول في كل مرة نتفاجأ بتكسير علمنا الوطني أو بوجود مشاركة أعداء الوطن في منافسة قارية.
بصرف النظر عن هذا ، يتطلب قطاع الرياضة المشاركة في نظام النمو الجديد الذي يعطي آفاقا و مناخًا عامًا للأعمال ويعد حافزًا للاستثمار وجلب الاستثمار الأجنبي ( مثل ما تقوم به كرة القدم بالتعاقد مع الإمارات) قطاع الرياضة في الوزارة يجب هو الآخر أن يدخل عالم التكنولوجيا على حد سواء ، لكن كل هذا سيظل غير كافٍ ، بل مستحيلاً ، في غياب السياسة ذات الأهداف والحاكمة الرشيدة في التدبير والتخطيط، ، والعمل على القطيعة النهائية مع الارتجال والعبث والفوضى والمحسوبية و” باك صاحبي ” التي تعمل بها الوزارة الوصية على الرياضة والشباب منذ سنين طويلة.
آخر الكلام :
هل من شعب يقبل بالمهزومين مثلنا ؟
هل من شعب مصاب بوباء ” عدم المحاسبة ” مثلنا ؟

Print Friendly, PDF & Email