ليبيا : حكومة الوفاق تطلق معركة سِـرت الاستراتيجية

©أيقونة بريس: متابعة - AFP //

أعلنت قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، يوم السبت، وبعد تسجيل تقدم على الأرض، إطلاق عملية عسكرية لاستعادة السيطرة على مدينة سرت على بعد 450 كلم شرق طرابلس.


وقالت القوات الموالية لحكومة الوفاق إنها تمكنت من صد هجوم بدأته قوات حفتر قبل 14 شهراً على العاصمة طرابلس، وتبدو حالياً مستعدة للاتجاه شرقاً مستفيدة من الدعم العسكري التركي.
معركة سـِـرت:
وقال العقيد محمد قنونو، المتحدث باسم قوات حكومة الوفاق في بيان صحافي، “صدرت التعليمات لقواتنا ببدء الهجوم والتقدم والضرب بقوة كل بؤر المتمردين في سرت، حيث نفذ سلاح الجو 5 ضربات جوية في محيطها، استهدفت آليات مسلحة لميليشيات حفتر الإرهابية والمرتزقة”.
وأضاف قنونو،”لن نتراجع عن إعادة بسط سيطرة الدولة على المدينة” التي تعقد معقلاً لقبيلة الزعيم الراحل معمر القذافي وملجأه الأخير عندما شن حلف شمال الأطلسي هجوما لمساندة القوات التي ثارت على حكمه في 2011.
سيطرت قوات المشير حفتر على سرت في يناير الماضي، بعد انسحاب قوات حكومة الوفاق الوطني منها.
وتقع خلف سرت مرافئ تصدير النفط الرئيسية وأهم المواقع الاستراتيجية بالنسبة لحفتر.
يعتبر استعادة مدينة سرت من الأهمية الكبرى ، هي البوابة الغربية لما يسمى منطقة ” الهلال النفطي “، تقع في وسط الساحل الليبي والتي تجمع بين محطات النفط الرئيسية. فإذا استولت قوات حكومة الوفاق الوطنية في طرابلس على سرت ، فستكون ضمنت أكبر مصدر مالي للبلاد .
وأخيرًا، تعتبر سرت نقطة وصول إلى الصحراء الليبية الكبرى. هناك كان معقل تجميع مقاتلين من أنصار الدولة الإسلامية (داعش) الذين سيطروا على مدينة سرت من عام 2015 إلى عام 2016. وكان سرت آنذاك أول معقل للجماعة الإرهابية خارج المنطقة العراقية- السورية.
– محادثات وقف إطلاق النار –
وفي ما يتعلق بالتطورات في غرب ليبيا، عزت قوات حفتر انسحابها من عدد من المواقع القريبة من العاصمة على أنه جاء نتيجة تعرضها “لضغوط دولية” لإعلان وقف لإطلاق النار.
– مبادرة مصرية –
وفي القاهرة، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن مبادرة لحل الأزمة في ليبيا في أعقاب محادثات مع حفتر ورئيس البرلمان المنتخب ومقره في الشرق عقيلة صالح. وتتضمن المبادرة وقفاً لإطلاق النار اعتباراً من الساعة 6,00 صباح الاثنين بالتوقيت المحلي (4,00 ت غ).
وأعلن السيسي خلال مؤتمر صحافي “توافق القادة الليبيين على إطلاق ’إعلان القاهرة’ متضمنا مبادرة ليبية – ليبية كأساس لحل أزمة ليبيا في إطار قرارات الأمم المتحدة والجهود السابقة في باريس وروما وأبو ظبي وأخيرا في برلين”.
وأضاف أن المبادرة “تدعو إلى احترام كافة الجهود والمبادرات من خلال وقف إطلاق النار اعتبارا من الساعة السادسة صباح 8 يونيو2020، وإلزام الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب( يقصد تركيا) من كافة الأراضي الليبية”.
وقال حفتر خلال مؤتمر صحافي مشترك مع السيسي “إننا نؤكد دعمنا وقبولنا لها (المبادرة) آملين الحصول على الدعم والتأييد الدولي للعبور بليبيا لبر الأمان”.
ورحب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بالمبادرة المصرية، فيما حيّا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في بيان القاهرة على “جهودها” و”رحّب بالنتيجة المتحققة اليوم التي تهدف إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية”، معتبرا أن ذلك يمثّل “أولوية”.
لكن المتحدث باسم قوات حكومة الوفاق العقيد قنونو رفض عملياً وقف إطلاق النار في تصريح قال فيه “نحن لم نبدأ هذه الحرب، لكننا من يحدد زمان ومكان نهايتها”.
وأضاف “نتابع تقدم قواتنا البطلة بقوة وحزم لمطاردة ميليشيات” حفتر.
ورحّبت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي بقبول طرفَي النزاع في ليبيا باستئناف مباحثات اللجنة العسكرية المشتركة “5+5″، التي تهدف إلى وقف إطلاق النار، بعد توقّفها أكثر من ثلاثة أشهر.
وعادت ميلشيات حفتر تقصف طرابلس وكسرت اتفاقية وقف إطلاق النار. وأمام صمت فرنسا التي أظهرت انحيازها لحفتر بعد استقباله من طرف الرئيس الفرنسي ماكرون، وقبله حاكم الإمارات ، لجأت حكومة الوفاق إلى طلب الدعم من دول أخرى في مقدمتها تركيا، وإيطاليا .
وتضم اللجنة 5 أعضاء من قوات المشير حفتر و5 أعضاء من قوات حكومة الوفاق وقد أقرّت ضمن حوار جنيف في فبراير بهدف الوصول إلى وقف إطلاق نار دائم.
والمسار العسكري واحد من ثلاثة مسارات، بجانب المسارين السياسي والاقتصادي، يتوجّب اتّباعها لاستكمال مخرجات مؤتمر برلين حول ليبيا لحلّ الأزمة، إلا أنّ اللجنة العسكرية علّقت أعمالها عقب جولتَي محادثات بسبب خلافات.
ونجحت قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قبل الأمم المتحدة خلال اليومين الماضيين، في السيطرة على العاصمة بالكامل، واستعادت مدينة ترهونة على بعد 90 كلم جنوب شرق طرابلس، المعقل الأخير لقوات حفتر في غرب البلاد.
ومنذ إطلاق حكومة الوفاق الوطني عمليّة “عاصفة السلام” مدعومة بطائرات تركيّة بدون طيّار نهاية مارس الماضي، نجحت في استعادة السيطرة على كامل مدن غرب طرابلس، وقاعدة “الوطية” الجوّية الاستراتيجيّة على بعد 140 كلم جنوب غرب طرابلس.
وعقب سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، غرقت ليبيا في حال من الفوضى، وتتنافس فيها حالياً سلطتان، هما حكومة الوفاق الوطني في طرابلس وحكومة موازية في الشرق يسيطر عليها المشير خليفة حفتر.
وفي حين تتلقى حكومة الوفاق الوطني الدعم من تركيا وحليفتها قطر، يتلقى حفتر الدعم من روسيا والإمارات العربية المتحدة وكذلك مصر وفرنسا.

Print Friendly, PDF & Email