العلاقات المغربية الإسبانية عام من الحيطة والحذر

©أيقونة بريس: هشام العصادي //

2021/04/26 التحديث في 58،12 //

في ظل الازمة المكتومة المستمرة منذ شهور بين المغرب وإسبانيا، ومنذ فرض الجيش المغربي سيطرته على معبر الكركرات الحدودي مع موريتانيا، عادت بوادر التصعيد مجدداً إلى العلاقات بين الطرفين، الجيران.

فإستقبال مدريد للمدعو إبراهيم غالي، للعلاج في الأراضي الاسبانية على إثر تدهور وضعه الصحي. مساء الأربعاء الماضي، ودخوله بجواز سفر يحمل هوية جزائرية مزيفة، لتلقي العلاج في مستشفى بمدينة لوكرونو .
العلاج في إطار إنساني ، هذا ما قالته وزيرة الخارجية الإسبانية ، لكن بماذا هو مصاب ؟ إذا استدعى الأمر نقله لخارج الجزائر وترتيب سفره خلال الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الجزائري لإسبانيا في الأسابيع القليلة الماضية.
حسب الوكالة الإسباية الرسمية للإعلام ( EFE ) قالت أنه مصاب بكورونا، وحسب المصادر المغربية ومجلة “جون أفريك” فهو مصاب بالسرطان المعدي، وحسب الإعلام الإسرائيلي فهو تعرض لإصابة بليغة جراء القصف الذي قام به الجيش المغربي بطائرات ” درون ” عندما حاول سيارات رباعية اقتحام الخط الحدودي وكان معهم ذلك المدعو”الغالي”.
اتضح الأمر أن الحكومة الإسبانية وافقت وزير الخارجية الجزائري لاستقبال غالي بهوية مزورة .
هذا ما جعل وزارة الخارجية المغربية تستدعي السفير الإسباني في الرباط، ريكاردو دييز هوشلايتنر، للتعبير عن استياء المغرب من موقف بلاده، والذي وصفته بأنه “غير عادل”، مؤكدة في الوقت ذاته عدم تساهل المغرب في قضية الوحدة الترابية باعتبار الصحراء موضوعاً وجودياً للمملكة، معتبرة أن “تجاهل هذا الواقع هو عمل ضد الشراكة الاستراتيجية بين البلدين”.

 

العلاقات الإسبانية المغربية و الجوار الحذر

 

ومن الواضح أن استدعاء الخارجية المغربية للسفير الإسباني، ليس سوى الجزء الظاهر من علاقات باردة يراها الإعلام الإسباني ( خاصة صحافة اليمين ) أنها أزمة صامتة بين البلدين، والتي تلقي بظلالها على العلاقات الثنائية منذ عدة أشهر وربما سنة منذ إعلان المغرب ترسيم حدوده البحرية وتحديدها قبالة جزر الكناري والتي صادق عليها البرلمان.
ثم جاء بعدها إغلاق الحدود على معبر سبتة ومليلية التي جمّدت الحركة التجارية والأكثر من هذا قام المغرب بإنشاء منطقة صناعية تجارية في ضواحي الفنيدق وخلق مناصب الشغل للنساء الذلواتي كانوا يشتغلن في حمل السلع من سبتة إلى تطوان.
ثم التأجيل المتكرّر للقمة الإسبانية – المغربية ،دليل قاطع عن وجود توتّر غير معلن في العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين البلدين .
ممّا يدعو للتساؤل حول مدى سقف التوتر الجديد و هل سيتحول إلى أزمة دبلوماسية تُنذر بالأسوأ ؟
الخلاف المغربي – الإسباني منذ السنوات الماضية، يتقاطع فيه التاريخي مع الاستراتيجي، وتتعارض داخله المصالح الاقتصادية، فيما تلتقي عنده التحديات الأمنية. فرغم التعاون الأمني والاستخباري بين الطرفين لمحاربة الإرهاب والجماعات المتطرفة، ورغم أن إسبانيا هي الشريك التجاري الأول للمغرب منذ2012، فإنّ ذلك لم يمنع إطلاقاً من اتسام العلاقات بـ”الجوار الحذر” بين البلدين، وهذا ينطلق من حجم الملفات الساخنة التي تفضي إلى توتّر العلاقات الثنائية، ( ملف الصحراء، ملف الهجرة السرّية، موضوع مدينتي سبتة ومليلية، الاتفاقيات الزراعية).

 

غموض الموقف الإسباني من مغربية الصحراء .

 

وما التأجيل المتكرّر للقمة الإسبانية – المغربية الا دليل عن وجود توتّر غير معلن في العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين مدريد والرباط .

في 22 دجنبر الماضي، ظهر توتر جديد بين البلدين بعدما استدعت الخارجية الإسبانية، بشكل عاجل، السفيرة المغربية في مدريد، كريمة بنيعيش، لتقديم توضيحات حول تصريحات تلفزيونية كان أدلى بها رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، بخصوص مغربية مدينتي سبتة ومليلية الخاضعتين للإدارة الإسبانية. وقبل ذلك، شهدت العلاقات بينهما توتراً آخر، بعد إعلان دونالد ترامب، اعترافه بسيادة المغرب على الصحراء، إذ اعتبرت مدريد أن القرار الأميركي لا يخدم نزاع الصحراء، بل يزيده تعقيداً، لأنه يقوم على ما وصفته بـ”القطبية الأحادية” .

اسبانيا تعتبر أنّ الخطوة الأميركية وتمدّد المغرب في الصحراء، سيضعفان موقف مدريد على المستوى الإقليمي بما أن الرباط تحظى بدعم لندن لعزل إسبانيا بشأن قضية الصحراء، ولأجل ذلك بعث ناصر بوريطة تزامنا مع قرار ترامب، رسالة مباشرة إلى الجارة الشمالية، مفادها أن المغرب لن يقبل مستقبلاً من أي دولة، الحديث عن حلّ عادل (لقضية الصحراء)، بل فقط عن مقترح الحكم الذاتي كأرضية لحلّ النزاع.

وجاء إفتتاح “المرصد الإفريقي للهجرة” بالرباط مناسبة لبعث بوريطة رسالة إلى مدريد، مفادها أن المغرب لن يلعب دور الشرطي لأي جهة ما، أو دور الدركي لأوروبا، في وقت كان فيه رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، يحاول إعادة تفعيل عمليات الترحيل إلى المغرب، في محاولة منه لمواجهة ما تعيشه إسبانيا من أزمة هجرة كبيرة في جزر الكناري ، كما أن إعلان ترامب حول سيادة المغرب على صحرائه زاد من توتّر الأجواء بين الجارتين .

دخول العلاقات الإسبانية المغربية مرحلة التوتر
ورفض الديبلوماسية المغربية ازدواجية المواقف

قبل ذلك ثلاثة قرارات اتخذها المغرب منذ غشت 2018، تعتبر مؤشرات أخرى على توتر العلاقات بين البلدين.إغلاق المعبر البرّي الجمركي بني أنصار على حدود مليلية المحتلة وإغلاق معبر باب سبتة الثاني وترسيم حدوده البحرية وتحديدها قبالة جزر الكناري، هذه المؤشرات تأتي في سياق يجعل العلاقات بين البلدين على المحك، ولذلك لا تبدو الأمور، بحسب مراقبين مغاربة، متجهة إلى تأزم على خلفية سماح إسبانيا لزعيم “البوليسايو” بالعلاج في أراضيها، بل ربما سيسمح للطرفين أو يدفع بهما إلى تسوية أكثر ملاءمة لمصالح كلّ منهما خلال الأسابيع المقبلة.
كلا من الدولتين من تجارب الأزمات السابقة تدركان جيّداً سبل توقيت وحدود استغلال القضايا الخلافية بينهما بحسب ظروف الأزمات التي تمر بها علاقاتهما، وأن ما يشكل أسباباً لها اليوم، قد يتحول غداً إلى سبيل للتعاون والتفاهم اللذين يحتمهما التاريخ المشترك، ويفرضهما الموقع الجغرافي وتمليهما المصالح المتداخلة.

Print Friendly, PDF & Email
Author profile

 مرحبًا بك في موقعنا الإخباري المثير  " أيقونة بريس" ، حيث يتلاقى الحدث بالتحليل، والتقارير بالشغف. نحن هنا على مدار الساعة، جاهزون لنقدم لك أحدث الأخبار الوطنية والدولية، وليس فقط ذلك، بل نغوص أيضًا في عوالم الرياضة، الثقافة، والاقتصاد.

فريقنا المكون من صحفيين محنكين ليسوا فقط خبراء في مجال الإعلام، بل هم أيضًا روّاد في فن السرد. نحن نقوم بتحليل القضايا بشكل شيق ومثير، لنقدم لك تفاصيل لا تجدها في أماكن أخرى.