تقرير عن مؤتمر الأقليات الدينية "بين جدال الاعتراف وسؤال التعايش"

تقرير عن مؤتمر الأقليات الدينية “بين جدال الاعتراف وسؤال التعايش”

ايقونة بريس - عزيز ايت حدو

 

انعقد في مدينة الرباط ـ المغرب ـ مؤتمر الأقليات الدينية وذلك يوم السبت 18 نونبر 2017 تحت عنوان “حرية المعتقد والضمير بين جدال الاعتراف وسؤال التعايش” وقد نظمت المؤتمر وأشرفت عليه “اللجنة المغربية للأقليات الدينية” وحضره نخبة من الأقليات الدينية المغربية وشخصيات حقوقية وازنة،                                    
وقد ناهز عددهم حوالي 80 شخصا احتضنهم المقر المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان. وعرف المؤتمر الوطني للأقليات الدينية نقاشات وسجالات عملية وفكرية وحوارات مفتوحة جمعت كافة المؤتمرين وختم بإجماع مطلق لكافة المؤتمرين والمشاركين على خطة “إعلان الرباط”.

وقد سجل كل من السيد جواد الحامدي، منسق اللجنة التحضيرية المنظمة للمؤتمر، والسيد أحمد أرحموش الحقوقي والفاعل الأمازيغي، الحضور الكثيف لعناصر الأجهزة الأمنية الذين فرضوا رقابة أمنية على مقر المؤتمر والمشاركين فيه. وهو ما أدى إلى انسحاب بعض الأسماء من المشاركين في المؤتمر بعد أن أثار الوجود الكثيف لعناصر الأمن مخاوفهم من اقتحام المقر.

بدأ المؤتمر بكلمة ألقاها جواد الحامدي (منسق اللجنة التحضيرية المنظمة) حيث أشار أن المؤتمر الوطني للأقليات الدينية يتناول واحدا من أهم القضايا التي تسائل إرادة المغرب في الوقت الراهن مؤكدا أن ما دعا إلى المؤتمر هو الحاجة إلى حماية الأقليات الدينية والاستجابة لمطالبهم الحقوقية من أجل تجاوز وضعية صعبة في مغرب 2017. وأشار أيضا أن المؤتمر الوطني للأقليات يعقد في سياق مزال فيه المغرب مستمر في الانتهاكات الماسة بالحريات الدينية كمنع الأقليات من الاحتفال بأعياد ميلاد أنبيائهم واستعمال الفضاءات العمومية لإقامة الشعائر الدينية واقتحام المعابد البيتية من طرف الشرطة وفي استمرار لاعتقالات تعسفية واستجواب وإهانة المغاربة المختلفين دينيا حول معتقداتهم من طرف السلطات التنفيذية التي تمنعهم من تنظيم أنشطتهم الدينية. مفيدا أن الدولة المغربية لم تقوم بأي إجراء أو خطوة تحمي الأقليات من الانتهاكات اليومية.

وأضاف جواد الحامدي أن السلطات المغربية ما زالت تمارس ضغوطات على عدد من الأقليات الدينية خصوصا فئة الشباب، للتخلي عن عقيدتهم الدينية مؤكدا أن هذا خرق للقانون العام المغربي يسمح بوجود الجماعات الدينية.

وخلصت الكلمة الافتتاحية أن الخوف من السلطات وسياسة المنع والحظر أدى بالمسيحيين إلى ممارسة شعائرهم داخل البيوت، ولم تسلم من اقتحام السلطات الأمنية خصوصا بمدينة سلا مستنكرا الرقابة الدائمة للسلطات الأمنية المعادية للأقليات.

شيعي يدعو لفتح الفضاء العمومي في وجه الأقليات

وابتدأ الناشط الشيعي المغربي الباحث في المذهب الشيعي، محمد أكديد، المداخلة الأولى، حيث قال أنه توصل إلى أن المذهب الشيعي وطائفة الأحمدية  لهم نفس المعتقدات الإسلامية و يقومون بنفس العبادات ولهم تراث مشترك  باستثناء بعض الاختلافات الضيقة لقراءتهم لنصوص وقراءتهم للمعتقدات وتوجهات وأضاف انه خلال الإشعاع الإسلامي كل الطوائف والمذاهب تقاسمت نفس الفضاء العمومي مشيرا إلى العصر الأموي حيث تم  تأسيس بيت الحكمة ويوسف الكندي كان مشرف على جمع مختلف المذاهب وأسس جامعة لأزهر في القاهرة  وفتح أبوابها لتدريس جميع المذاهب وكان قصره مفتوح  للمناظرات بين أهل الملل والنحل من مختلف الطوائف بما فيهم الدهريين إلى أن جاء صلاح الدين الأيوبي.

وذكرى أكديد بعض الفتوى الساعية لربط بين جميع الطوائف الدينية من بينها فتوى محمد شلتوت الذي يجيز التعبد  بالمذهب الجعفري الذي أسس دار التقريب بين المذاهب والشيعيين الذي حيث كان هدفه هو البحت عن أرضية و أفق  مشتركة تكف عن التقديس و تقوم بالنقض البناء.

قسم الثاني من مداخلة تكلم فيه عن موقف المغرب من الأقليات الدينية وقال: نجد أن المقاربة الأمنية على معالجة الأقليات الدينية هي المقاربة الوحيدة ومثلا عن الاستجابة للعقلية المحافظة كتدخل وبعض الدول الحليفة للمغرب والتي تدعم هذه الاديولوجية.

انتهاكات حقوقية ضد الأقليات

وأشار أيضا إلى إدانة المسمى “البلدي” بتهمة التبشير وزعزعة عقيدة مؤمن وإلى التضييق المستمر على بعض الأفراد والجماعات ومنع جمعية الرساليون التقدميون من توصيل لإيداع القانوني مضيفا أن رئيسها لا زال في السجن بسبب فكره ومذهبه، وأكد أكديد أن السلطات المغربية منعت الطائفة الأحمدية من تأسيس جمعية خاصة بهم ورفضت السماح لهم بالتنظيم منذ سنة 2015

وختم أكديد مداخلته بالتعبير عن سعادته وسروره للحضور الفعال لجميع هذه الأقليات الدينية في المؤتمر معتبرا تنظيم مؤتمر الأقليات خطوة من شأنها التمهيد للاعتراف بالأقليات الدينية والسماح لها بممارسة الشعائر الدينية والاستجابة لمطالبها وإنقاذها من الإهانات التي تتعرض لها يوميا.

ممارسة الشعائر الدينية سرا

 بعد ذلك أخذ شعيب فاتيحي، مسيحي مغربي، الكلمة وأقر في شهادته بالمعانات والاضطهاد الذي يواجهه داخل المغرب، منها ما هو مادي الذي يتمثل في صعوبته لحصول على  شغل من أجل عيش كريم ومعنوي، الذي يتمثل في رفضه من قبل المجتمع وفي عدم حمايته من قبل الدولة في ممارسة شعائره الدينية التي أصبح يمارسها في سرية تامة خوفا من الملاحقات الأمنية.

إسلامي مع حرية المعتقد

 بعد ذلك أعطيت الكلمة للناشط الإسلامي علي العلام، والمعتقل سابقا في ملف السلفية الجهادية، ولم يعد يقدس كتب العلماء قبل و أثناء سجنه ولم يعد رهبن للفتاوى القرن 6 ، حيث  قال عند التحدث على  حرية المعتقد، سنقرنها  بمفهوم الردة في ضمن المنظومة السلفية الجهادية التي تتضمن مجموعة من الصراعات  كانت قديما دموية وألان أصبحت فكرية،  واستشهد بقوله تعالى “لا إكراه في الدين ” وقصد بهذه لا نافية وليست الناهية وإشارة  إلى معنى كلمة الاستتائبة الذي لم يجدو له أساس في القران أو سنة يعني أن الرسول( ص) لم يكن ضدا لا دين عسى عليه السلام، أو المذهب الإبراهيمي ليس هناك فرق بل الدين الإسلامي هو تحديث لبرنامج حياتي الاجتماعي والاقتصادي  وسياسي يتناسق مع ما يحمل الواقع,  أعطى مثل لدولة مغربية  والتي هي تابعة للمذهب المالكي و مسلك الجنيد والعقيدة الاشعرية لم يتم استفتاء الشعب في ذالك بل تم فرض ذالك عنهم وعند المطالبة بالاستعانة بمذاهب أو ديانات أخرى حلال عليهم وحرام علينا، وأكد على خوف الحركات الإسلامية من تشتت إتباعها لذالك لا يستطيع إعطاء مفهوم الردة حرية الاعتقاد التي يمكن إن تاخذ على المجلس العلمي،  و بين أن حد الردة هو حد سياسي لتصفية الخصوم وتاريخ ملئ بمجموعة من الأحدات لا في الدولة العباسية ولا الأموية ومسالة قضية الحلاج هي تصفية غطائها انه عقدي ولكنه سياسي التي تم استغلالها.

الشرطة المغربية تشهر بالأقليات الدينية

من جهته أكد الحقوقي والفاعل الأمازيغي والمحامي بهيئة الرباط السيد أحمد أرحموش أن الدولة المغربية ما زالت تحاكم الأقليات الدينية بالخصوص المسيحية بسبب معتقداتهم الدينية، مبرزا محاكمات ضد الأقليات ستصدر في الأيام القادمة ضد 5 مواطنين مغاربة اعتنقوا الديانة المسيحية وتم اعتقالهم بمختلف المدن المغربية، معتبرا هذه الملاحقة تحرشا وانتهاكا للحريات الدينية. وقال أيضا إن  الحركة الحقوقية تستوجب الحق في التنظيم أساسا في الفضاءات العمومية في ظل قانون التجمعات، الذي ما زال يفرض نوعا من الحصار، وهو ما يفيد بأن الدولة تريد الاستمرار في احتكار الفضاء العمومي لنفسها، فضلا عن سعيها نحو فرض منطق الجانب الأحادي في الدين والفكر والاعتقاد واقصاء الاختلاف والمعاقبة عليه.
أضاف أيضا أن موضوع الحريات الفردية والجماعية فيه تراكمات كبيرة لدى المناضلين في مجال حقوق الإنسان، وبالتالي فلابد من تقوية وسائل الضغط والهجوم من أجل هدف واحد، وهو التكريس لوطن متنوع، يضمن حرية التدين والتجمع، وهنا أسوق مثالا يهم وجود 5 مساطر قضائية لمواطنين مسيحيين مغاربة في محكمة الاستئناف بالرباط، و ما تعرضوا له من استفزاز من قبل السلطات بدعوى ارتدادهم عن الدين والتشهير بهم أمام العموم.

أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أكد في مداخلته على أصيلة الحريات الدينية ولا يمكن أن تؤدى عليها قيود، إلا أن نظرة النسق السياسي المغربي ونظامه الفكري الأحادي يطمس الحريات الدينية ويتجنى عليها وطالب المتحدث بالأسس المتينة لجرية العقيدة في المغرب وشدد على ضرورة التزام الدولة بحرية الاعتقاد وألا يثير مخاوفها أو ان تعتبره مخالفا لها. وطالب أيضا الدولة بالتنصيص على توفير جميع الحقوق للأقليات الدينية وتوفير الأماكن لممارسة كل طائفة لدينها ومنع الغير من من التدخل في شؤونها. 

Print Friendly, PDF & Email
Author profile

صحفي مهني وناشط حقوقي، متخصص في القضايا السياسية والاجتماعية. حاصل على شهادة في الحقوق ودبلوم في القانون الخاص. ساهم في عدة منصات إعلامية وشارك في ندوات دولية مع منظمات المجتمع  المدني وحقوق الإنسان ( تفاصيل السيرة الذاتية)