اقللوش محمد

الموت بسبب الجوع وفي سبيل “كيس دقيق”

ايقونة بريس - محمد المسير

 

اهتز المغرب صبيحة يوم الأحد 19 نونبر 2017، على إثر فاجعة غير مسبوقة بجماعة سيدي بوعلام، قيادة المرامرة، إقليم الصويرة، فاجعة راح ضحيتها خمس عشرة امرأة وعدد كبير من الجرحى والمصابين حالات أغلبهم حرجة.                                           

الحادثة المفجعة وقعت لحظة توزيع مساعدات غذائية من طرف إحدى الجمعيات الخيرية القادمة من الدار البيضاء، على الأسر المعوزة التي تنتمي إلى المناطق المهمشة والمنسية، حيت خرجت في أفواج جموع غفيرة من النساء والشيوخ والأطفال من أجل الفوز بقفة بئيسة بذراهم معدودة.

وهي واقعة تعيد المغاربة إلى مشاهد متكررة من الإطاحة بكرامتهم، حيت يموت المواطن في حاويات النفايات، وأمام المستشفيات وعلى قارعة الطرق، وفي مخافر الشرطة، وبلدغات العقارب، وهنا يطرح سؤال أي مغرب هذا الذي يسير بسرعتين مختلفتين؟ مغرب يوقع اتفاقيات للتبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، ويطلق قمرا اصطناعيا، ويستقدم مشاريع عملاقة من قبيل الطاقات المتجددة، والقطار الفائق السرعة، وبناء مناطق صناعية وتصديرية، في نفس الوقت وعلى بعد مسافات قصيرة من مدن المركز، تجد مغرب أحزمة من الفقر والهشاشة، مناطق نائية منسية، قرى تموت بالعطش “زاكورة” وأخرى بالفيضانات “كلميم، سيدي افني” وبموجات البرد القارس “أنفكو ومناطق جبال الأطلس”.  مغرب يحتل رتب متدنية في مؤشر التنمية البشرية  تتراوح بين 126 و 130 خلال السنوات الأخيرة، مغرب يعاني ثلثه من حالة  فقر، و يعاني شبابه من حالة بطالة بنيوية.

إنها وقائع تكشف زيف الشعارات المنمقة والمسوقة، وتبرز واقع الفساد والاستبداد المستشري في البلاد، وتعكس الأزمة في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية حيث تعاني فئة كبيرة من البطالة والأمية والحرمان، تجعلهم يعرضون أنفسهم للخطر والموت من أجل كيس طحين وقنينة الزيت، وقد يتسولون، أو يمسحون بكرامتهم الأرض، ليضلوا فقط على قيد الحياة.

<>إن هذا الواقع المزري يجد مبرراته في الخيارات الاقتصادية المملات من طرف المؤسسات المالية العالمية كالبنك العالمي وصندوق النقد الدولي، حيت انسحبت الدولة من تدبير الخدمات العمومية كالتعليم والصحة والنظافة والماء والكهرباء، وفتح الأسواق المغربية أمام المنتجات الأجنبية، وحذف كل أشكال الدعم للمواد الأساسية، مع استمرار الهوة بين الشرائح الاجتماعية، تحت حراسة خدام الدولة، الذين يخيرون المواطنين المغاربة بين القبول بالإجهاز على ما تبقى من مكتسباتهم الاجتماعية، وبما يمنح لهم من الفتات، وبين فزاعة الاستقرار وسلاح الفوضة، لتكميم الأفواه، في أسلوب أشبه بحكم العصابات، مما يحيلنا على شعار رفعه عبد الكريم الخطابي في وجه أول حكومة عينها الملك محمد الخامس برئاسة مبارك “البكاي لهبيل” بعد الاستقلال الشكلي“هل أنتم حكومة أم عصابة ؟”

Print Friendly, PDF & Email
Author profile
رئيس التحرير - كاتب رأي | lmossayer@iconepress.com | https://bit.ly/3QSuFzV

رئيس التحرير - كاتب رأي

صحفي مهني وناشط حقوقي، متخصص في القضايا السياسية والاجتماعية. حاصل على شهادة في الحقوق ودبلوم في القانون الخاص. ساهم في عدة منصات إعلامية وشارك في ندوات دولية مع منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان. التفاصيل في الشفحة الشخصية :

⌈ https://bit.ly/3UntScc ⌉