©أيقونة : هيئة التحرير :

2024/12/16 :

يظل تحقيق الأمن الطاقي هدفًا استراتيجيًا للدول في كل مكان. تقرير المجلس الأعلى للحسابات الأخير في المغرب يكشف عن تحدّيات جوهرية تواجه جهود المملكة في هذا المسار، ويطرح تساؤلات حاسمة حول مستقبل الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة في المنطقة.

في تقريره لعام 2023-2024، كشف المجلس الأعلى للحسابات عن اختلالات تُعطل تنفيذ السياسة الطاقية في المغرب.

“جيد، لكن يمكن أن يتحسن الأداء”. هكذا يمكن تلخيص الجزء المتعلق بتقييم الاستراتيجية الطاقية الوطنية (2009-2030) في التقرير السنوي الأخير لمحكمة المجلس الأعلى للحسابات.

وأشارت المؤسسة إلى “تحقيق تقدم كبير في عدة مجالات عززت مكانة المغرب كدولة ملتزمة بالانتقال الطاقي“،

لكنها أوضحت أن عدداً من الاختلالات تعيق تحقيق أهداف هذه الاستراتيجية.

لهذا يمكن القول أن هذا التقرير ليس مجرد وثيقة محلية، بل هو مرآة تعكس التحدّيات التي تواجه العديد من الدول النامية في سعيها للانتقال نحو اقتصاد أخضر.

سواء كنت صانع قرار، أو مستثمرًا في قطاع الطاقة، أو باحثًا مهتمًا بقضايا التنمية المستدامة، فإن هذا التقرير يقدم لك رؤى قيّـمة حول العقبات التي تعترض طريق التحول الطاقي، والحلول الممكنة لتجاوزها.

انضم إلينا في هذه الرحلة التحليلية، لاستكشاف كيف يمكن للمغرب، وبقية العالم، أن يحققوا أهدافهم في مجال الطاقة النظيفة، ويضمنوا مستقبلًا أكثر استدامة للأجيال القادمة.

حوكمة القطاع الطاقي: رؤية شمولية غائبة

لفت التقرير إلى أن عملية التخطيط اقتصرت على قطاع الكهرباء، عبر إعداد خطط تجهيز مرتبطة بإنتاج ونقل الطاقة الكهربائية، “في حين لم يتم تناول جوانب مهمة مثل أمن التموين الطاقي وفعاليته وتنويع مصادر الطاقة”، مما يستدعي “ضرورة إرساء رؤية شمولية للتخطيط الطاقي”.

محدودية التعاقد بين الدولة والمؤسسات العمومية: تحدّيات في التنظيم

أكد المجلس الأعلى للحسابات، برئاسة زينب العدوي، عدم انتظام اجتماعات هيئات حوكمة المؤسسات والمقاولات العمومية العاملة في القطاع (EEP) .

فمثلاً، “عقد مجلس إدارة المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (ONEE) خمس جلسات فقط خلال الفترة 2010-2023، من أصل 28 جلسة ينص عليها القانون”.

تأخير مشاريع الطاقة بالمغرب: أهداف لم تتحقق

رصد تقارير قضاة المجلس الأعلى للحسابات نقصاً في تنظيم القطاع، وطالبت بضم قطاعات الغاز والمشتقات النفطية إلى اختصاصات الوكالة الوطنية لتنظيم الكهرباء (ANRE) “لتعزيز تنافسيتها”.

كما أشارت إلى أن توسيع صلاحيات الوكالة لتصبح هيئة تنظيمية عليا للطاقة، وفق توجيهات الملك محمد السادس، قد يسدّ هذه الثغرة.

يلاحظ المستند أيضًا استئنافًا يقتصر على التعاقد بين الدولة و EEPs هذه ، على الرغم من إطلاق مجموعة من المبادرات في هذا الاتجاه. “منذ عام 2008 ، عشية إطلاق SEN ،

اختتم ONE فقط برنامج عقدين مع الولاية: أول ما يغطي الفترة 2008-2011 ، ثم ثانية للفترة 2014-2017 ،”

أبرز التقرير تأخر إنجاز مشاريع لإنتاج الطاقة المتجددة، مما أدى إلى بقاء نسبة هذه الطاقة في المزيج الكهربائي عند 40% (2023)، عوض الهدف المحدد بـ42% لعام 2020.

كما لم يُصرح بمشاريع قدمها القطاع الخاص وفق القانون رقم 13.09 بسبب “ضعف قدرات شبكة نقل الكهرباء”.

عرقلة نقل مشاريع الطاقة المتجددة إلى “ماسن”

لم تُنجز عملية نقل منشآت الطاقة المتجددة من المكتب الوطني للكهرباء (ONEE) إلى وكالة “ماسن- MASEN ” حتى سبتمبر 2024، رغم أن القانون رقم 38.16 حدّد سبتمبر 2021 كموعد نهائي.

كما لم يُنفَّذ الفصل المحاسبي لأنشطة الإنتاج والنقل والتوزيع في المكتب الوطني للكهرباء، مما يُهدد بإعاقة إنشاء “إدارة شبكة النقل” المخطط لها في القانون 48.15.

إخفاقات في كفاءة الطاقة: استراتيجيات معطلة

لم تُعتمد الاستراتيجية الوطنية لكفاءة الطاقة بالمغرب رغم صياغتها مرتين (2014 و2019)، كما عرقلتها محدودية التمويل وتأخر نشر نصوص تطبيق القانون 47.09، وغياب حوافز لجذب القطاعات كثيفة الاستهلاك.

توصيات : نحو قطاع الطاقة المستدامة

دعت هيئة قضاة المجلس الأعلى للحسابات رئيس الحكومة إلى “وضع استراتيجية وطنية لكفاءة الطاقة وإنشاء نظام حوافز”،

وطالبت وزارة الانتقال الطاقي بـ”تعزيز التعاقد مع المؤسسات العمومية، وتسريع إصلاح قطاع الكهرباء عبر الفصل بين أدواره، ونقل منشآت الطاقة المتجددة إلى ماسن”.

كما أوصت بإصدار النصوص القانونية المتبقية لتنظيم القطاع، خاصة تلك المتعلقة بإدارة شبكة النقل.

خاتمة:

تقرير قضاة المجلس الأعلى للحسابات يمثل دعوة للعمل الجاد لتحسين أداء قطاع الطاقة بالمغرب. من خلال تبني توصيات المحكمة، يمكن للمغرب تحقيق أهدافه في مجال الانتقال الطاقي، وتعزيز مكانته كدولة رائدة في مجال الطاقة المتجددة.

الكلمات الرئيسية:

المغرب – المجلس الأعلى للحسابات – السياسة الطاقية – الطاقة المتجددة – الطاقة بالمغرب