اسبانيا: كاطالونيا عش السلفية الراديكالية

ايقونة بريس: من برشلونة احمد الحجاوي
كانت منذ السنوات السابقة أغلب المساجد ذات المرجعية السلفية الراديكالية تحت عيون مراقبة أجهزة الأمن وخاصة في إقليم كاطالونيا التي تتكاثر فيه هذه المساجد بوتيرة سريعة. حسب تقارير المخابرات السرية فإن الوضع السياسي الذي يعرفه إقليم كاطالونيا المتعلق بالمطالبة بإجراء انتخابات والمطالبة بنظام مستقل عن السلطة المركزية بمدريد،        

جعل كل الاهتمام يتجه إلى هذا الأمر السياسي الداخلي وترك فراغا كبيرا في التسيير الاداري والسياسي للشأن الاجتماعي بما فيه مراقبة مصادر نمو ما يسمى بالإرهاب، واستغل هذا الفراغ بعض الإسلاميين في نشر أفكارهم واستقطاب الشباب المتذمر من سوء الوضعية في الشغل والفقر والبطالة.
انتشار الحركة ” السلفية ” في كاطالونيا:
وفي كاطالونيا يبلغ عدد الجالية المسلمة هناك نحو نصف مليون نسمة مقسمة إلى مجموعتين كبيرتين: المغاربة والإسبان المعتنقين للإسلام. ويوجد خلف هذه المجموعات مسلمون من باكستان وغامبيا والجزائر والسنغال. ومن بينها ظهرت جماعات من” المتطرفين أو المتشددين” وجماعات أخرى تتعاطف مع المنظمات الإسلامية الراديكالية.
فقط في كاطالونيا يوجد حوالي 256 مسجدا، وفقا لمصادر مكافحة الإرهاب والعديد منها له ارتباط مباشر أو غير مباشر بمنظمات مثل ” الخيرية ” و”الإخوان المسلمين” والتبليغ والدعوة “، التي كثيرا ما تتعارض مع القيم الديمقراطية ومعايير النظام الإسباني والغربي.
الحركة التي تنمو ببطء وبطريقة منظمة في كاطالونيا هي الحركة السلفية، واحدة من التيارات الأكثر راديكالية للإسلام. ويدعو أتباعها إلى إنشاء الخلافة الفريدة، وإلى تطبيق الشريعة – الشريعة الإسلامية – بدقة.
يوجد في إسبانيا بأكملها أكثر من 1،260 مسجدا أو ما يسمى مركزا للعبادة الإسلامية:
centros de culto islámico، وأكثر من مائة ( 100 ) مرتبط بالسلفية. ومن بين هؤلاء 80، في إقليم كاطالونيا.
أحد المراكز الإسلامية المعروفة توجد في طاراغونة ، هو مسجد ريوس Reus (طاراغونا) الذي يعتبر محورا رئيسيا. وفي ليريدا Lérida ، هناك اتحاد التعاون الإسلامي تابع له مسجد ابن حزم. أما المركز الثالث المشتبه به:

la Comunidad Islámica de Salt الذي يضم جمعية الثقافة “آلهلال”، وهذا المركز يقوم بتوسيع نشاطه إلى منطقة خيروناGerona والمعروف أن هذه البلدية (خيرونا) هي التي تعيش بها أعلى نسبة من المهاجرين في إقليم كاطالونيا.
الأزمة الاقتصادية سبب المصائب:
ينمو التيار المتشدد أو كما يصفه الإعلام الغربي بالراديكالي المتطرف في إسبانيا شهرا بعد شهر. ويعتقد كثير من الشباب في هذا التفسير أن يكون الحل البديل للمشاكل التي تحيط بهم، والناجمة عن الأزمة الاقتصادية وانعدام سياسة الاندماج الاجتماعي. وفي حالات أخرى، هذه هي الخطوة الأولى نحو الوصول إلى “الجهاد”، و “الحرب المقدسة” ضد الكفار، “الصليبيين” (المسيحيين)، المذنبين بخلق جميع المصائب والشر .
تكاثرت الأسئلة حول مصادر تمويل كل هذه المراكز الإسلامية أو الجمعيات الثقافية أو الخيرية، واتجهت إصبع الاتهامات إلى دول الخليج دول النفط، وفي الواقع، حذر تقرير من قبل المخابرات الإسبانية في العام الماضي أن أحد مصادر التمويل لتوسيع انتشار “داعش” من ورائه دول مثل السعودية وقطر والكويت والإمارات. وتستفيد العديد من الجمعيات من تبرعات متنوعة. إلا أن الغريب في الأمر أن أغلب الأشخاص الذين يديرون هذه المساجد او الجمعيات لا يظهر عليها مظاهر التمويل أو الدعم بل أغلبهم يملك مجزرة أو محل بقال لبيع المواد الغذائية، كما أن أغلب المساجد تجمع التبرعات من المصلين لشراء الزرابي أو تأدية واجب الكراء.
العنصرية الإسبانية لرفض المسلمين:
باستثناء مركز مدريد ومسجد ماربيا ومركز مالاكة فجميعها تسيرها السفارة السعودية مباشرة. وعلى ذكر مدريد فإن مسجد ” تطوان ” الذي يحمل اسم محطة الميترو، فهو يحظى بإقبال كبير ولكن المساعدات تبقى أغلبها من المصلين عبر جمع التبرعات والمحل التجاري الموجود داخل مدخل المسجد، أما ساحة ” لافابياس ” المعروفة وسط المدينة فقد تكلف أصحاب المحلات الخاصة بالهاتف بجمع تبرعات لكراء محل في أسفل العمارة ورغم صعره فهو يعرف الازدحام يوم الجمعة والشرطة تمنع الناس من الصلاة في مدخل العمارة. في سيفيا عاصمة إقليم الأندلس عارض سكان إحدى الأحياء أن يقام مسجد ووقفوا عدة مرات أمام البلدية يرفعون شعارات ضد الإسلام ويطالبون برحيل المسلمين أغلبهم مغاربة وأفارقه من مالي والسنغال، وقام أحد لاعبي الفريق لكرة القدم ( فرنسي الجنسية ومن اصل مالي) واشترى المحل وحصل على الرخصة من البلدية .
ولكن هناك مشكلة أخرى هي أن إدارة الأمن في كاتالونيا وفي إسبانيا كاملة لا تضبط مراقبة أماكن العبادة الأخرى التي لا علاقة لها بالمساجد التقليدية، ولكن هي مساجد توجد في “كراج” أو محل تجاري يتم تحويله إلى مسجد. وهذه الظاهرة هي نفسها التي كانت في فرنسا لكن استطاعت التغلب عليها بتنظيم شروط الترخيص وتأطير أئمة المساجد وما تزال فرنسا تقوم بعمل كبير في هذا الميدان أما إسبانيا فهي متخلفة تماما في هذا المجال.
وللتذكير كانت آخر عملية قامت بها أجهزة الأمن ضد الجماعات الإرهابية في كاطالونيا كانت في نهاية أبريل الماضي. في ما يسمى “عملية أبولو” تم القبض على ثلاثة أشخاص لهم ارتباط بتفجيرات بروكسل عام 2016. وتم اعتقالهم في برشلونة، التي يقيمون بها لأكثر من 20 عاما.

Print Friendly, PDF & Email
Author profile

 مرحبًا بك في موقعنا الإخباري المثير  " أيقونة بريس" ، حيث يتلاقى الحدث بالتحليل، والتقارير بالشغف. نحن هنا على مدار الساعة، جاهزون لنقدم لك أحدث الأخبار الوطنية والدولية، وليس فقط ذلك، بل نغوص أيضًا في عوالم الرياضة، الثقافة، والاقتصاد.

فريقنا المكون من صحفيين محنكين ليسوا فقط خبراء في مجال الإعلام، بل هم أيضًا روّاد في فن السرد. نحن نقوم بتحليل القضايا بشكل شيق ومثير، لنقدم لك تفاصيل لا تجدها في أماكن أخرى.