#في_مقاطعة_الحي 3 : العمر قضيناه ” شادين الصف “

مدوّنات / بقلم : Hamza Zaimi  //

الجزء الأخير:

تقدّم الغلام متثاقل الخطى نحو مكتب السي حميد ليستلم أوراقه، وبإشارة أخرى من السي الضابط تتقدم صديقة الغلام المنتفخ هي الأخرى لتسلم بطاقتها الوطنية …


ما هذا يا رب، هل قدرنا هذا اليوم أن ننتظر في هذا الصف الطويل إلى أن ينتهوا من قضاء مصالح المنتفخ وصديقته وعائلاتهم “مقدوش الفيل زيدوه الفيلة” أم انهم كتبوا علينا كما كتبوا على اللذين من قبلنا، ماذا سنقول لرب العالمين يوم يسألنا عن (عمرك فيما أفنيته وشبابك فيما أبليته) سنقول: لقد أفنيناه في طوابير البلديات والإدارات والسبيطارات…
أما آن لهذا الذل ان ينتهي، وهذا الظلم أن يرفع بدأت اشعر بحرارة مجهولة المصدر قادمة من اللا مكان، خدودي توردت وأقدام ترتعد، عيوني تفحصت كل الزوايا حتى صرت تائها في مكاني لا أستطيع الثبات في حركة أو سكون، ما الحل الآن هل التزم الصمت كباقي “الخمّاسة” ؟ أم أفجر سور صمتهم العظيم… وماذا سأستفيد من إثارة “ما يسمّونه بالفتنة” أليس هذا حال الإدارات المغربية منذ الأزل، لقد اعتدنا على هذه التصرفات حتى أصبحت سُـنة مؤكدة … ومن اكون حتى أغيـّر ما بقومهم.
كل هذه الأعذار و المحاولات التبريرية مني لثني عن تصرف قد اندم عليه لم تنفع، خط الاتصال بيني وبين ذاك الضمير الذي يثنيني انقطع (هادو مبغاوش يهضرو على حقهم خليهم ) . أطلقت أقدامي لرياح التصرف، تخطيت أجسام “الخمّـاسة” ووقفت مباشرة أمام السي حميد ومكتبه، رميت أوراقي فوق أوراقهم: ” كاشي لينا هاد لوريقات الله يرحم الوالدين” فبدأت أسمع جعجعة البشرية من خلفي، ترى ماذا حل بهم حتى أصبح لهم صوت بعد أن تيقنت من خرسه؟ التفتت ذات الشمال قليلا لمحت رجلا في نهاية الخمسينات بجلبابه الباهت و طاقيته البيضاء، من خلال حديثه يبدو كأنه مريض بمرض السكر وقد تشنجت أعصابه و رعشت شفتاه و أطرافه… استجمع قواه و أسترجل وتوجه لي قائلا: “شد اولدي الصف” اجبته بصوت غير مبالي ” متهضرش معايا هضر معاه ولا خفتي منو” استفزته كلماتي فقال “استغفر الله اش هاد الهضرة كتقول “.
تململ الضابط وقال بصوته المستحيي الحديث كمن يتحدث مع مديره “علاش غادي يخاف مني” وفي قرارة نفسه يقول ” ااه يا ولد الكلبة وطيح فيدي فشي بلان كون طرطقت لمك الماشوار باش كتهضر”.
استغل حميد الصراع الجانبي بيني وبين المسترجلين حديثا ليستعجل إنهاء توقيع أوراقهم قبل ان يتسلم الأوراق ثم التفت إلى الضابط وطالبته باعتذار للطابور حتى لا تتفاقم الأمور وتخرج عن السيطرة. حوار جانبي بيني وبين من هم بجانبي … هذا يقول لقد شعرت بما شعرت به وان لم تنتفض لكنت أنا من فعلها، وآخر يقول تبارك الله عليك “عجبتيني” هههه لمغاربة عاالااااام “.
مطأطأ الرأس ينسل الضابط الأسمر الممتلئ البنية حليق الوجه “بمسطاشه” المتموج بين اللون الأبيض و السواد القليل و بلباسه الأزرق الغامق، وقبعته المطروزة بزركشات من خيوط براقة، وعلى كتفه فراشة ، إنه رجل امن انه ضابط شرطة .

Author profile

 مرحبًا بك في موقعنا الإخباري المثير  " أيقونة بريس" ، حيث يتلاقى الحدث بالتحليل، والتقارير بالشغف. نحن هنا على مدار الساعة، جاهزون لنقدم لك أحدث الأخبار الوطنية والدولية، وليس فقط ذلك، بل نغوص أيضًا في عوالم الرياضة، الثقافة، والاقتصاد.

فريقنا المكون من صحفيين محنكين ليسوا فقط خبراء في مجال الإعلام، بل هم أيضًا روّاد في فن السرد. نحن نقوم بتحليل القضايا بشكل شيق ومثير، لنقدم لك تفاصيل لا تجدها في أماكن أخرى.