تقرير شبكة راصدي حرية الاعلام بالمغرب حول انتهاك حقوق الاعلاميين

بمناسبة اليوم الوطني للإعلام أصدرت شبكة راصدي حرية الاعلام تقريرا شاملا، جاء فيه:‎

تقديم:

تأسست “شبكة راصدي حرية الإعلام بالمغرب” بمبادرة من بوابة المجتمع المدني مغرب / مشرق ” جسور” برنامج لمنتدى بدائل المغرب، والمرصد المغربي للحريات العامة، وجمعية عدالة من أجل محاكمة عادلة، و منظمة حريات الإعلام والتعبير–حاتم–، بهدف توثيق حالات الاعتداءات والانتهاكات التي تطال الإعلاميات والاعلاميين.

وترتكز هذه المبادرة على استعمال الانترنيت للتبليغ عن الانتهاك، وذلك لما لهذه الالية من انتشار واسع بين المدافعات والمدافعين عن حقوق الانسان، إذ صرحت المفوضية السامية لحقوق الانسان السابقة السيدة “نافي بلاي“، بمناسبة حلقة نقاش عقدها مجلس حقوق الإنسان في دورته 21 لسنة 2012، بشأن تعزيز وحماية حرية التعبير على شبكة الإنترنت، إلى أن” الطريقة التي اكتسب ﺑﻬا المدافعون عن حقوق الإنسان بسرعة الإمكانات السمعية – البصرية وإمكانات التبليغ الجماهيري التي تتسم ﺑﻬا شبكة الإنترنت لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان وتبادل المعلومات عنها فوراً مع جمهور عالمي. فنتيجة لهذه الخصائص الفريدة، غيّرت شبكة الإنترنت حركات حقوق الإنسان، إذ إن الدول لم يعد في إمكاﻧﻬا التحكم في الأمور باحتكار المعلومات “.

وتنطلق الشبكة من المرجعيات الدولية، كما هي متعارف عليها، باعتبار أن حرية التعبير عبر وسائل الانترنيت “لا تحتاج إلى معايير حقوق إنسان جديدة خاصة بشبكة الإنترنت، لأن مبادئ حقوق الإنسان ومذاهبها تنطبق على الشبكة وعلى غيرها.” وهي الاتفاقيات الاساسية ذات الصلة، ولاسيما:

الاعلان العالمي لحقوق الانسان؛

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛

العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛

الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري؛

اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة؛

اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 135، واتفاقية ممثلي العمال؛

التعليق العام 10 [19] (المادة 19) للجنة حقوق الإنسان (CCPR / C / 21 / Rev.1 المؤرخة 19 مايو 1989)؛

التعليق العام رقم 11 [19] (المادة 20) للجنة حقوق الإنسان (CCPR / C / 21 / Rev.1 المؤرخة 19 مايو 1989)؛

و من أجل بلوغ أهدافها قامت الشبكة بتدريب 40 راصد وراصدة ممثلين لمختلف جهات المملكة، وبذلك بتاريخ يومي 30 و31 يناير 2015 بمدينة طنجة، وكان من مضامين هذا التدريب:

تعزيز المعرفة بالاطار المعياري والنظري الدوليين لحماية الاعلاميين والاتفاقيات والمرتبطة بهما؛

تنمية مهارات وقدرات الراصدين والراصدات في مجال توثيق حالات الانتهاكات؛

وأخيرا التعاطي الفعال والناجع مع النظام التطبيقي الافتراضي للتبليغ عن الانتهاكات التي تطال الاعلاميين والاعلاميات أثناء القيام بمهامهم أو الممارسات الانتقامية ضدهم بسبب صفتهم المهنية.

ويعالج هذا التقرير الحالات ال 47 التي تولدت قناعة لدى الشبكة أن إدعاءتهم تدخل ضمن مجال اختصاصاتها، وذلك وفق ما ورد في المعطيات “الاستقرائية للتطبيق APPLICARTION، من فاتح أكتوبر 2014 الى غاية 30 شتنبر 2015.

أولا: بواعث قلق الشبكة بخصوص حرية الرأي والتعبير لدى الاعلاميين.

تولدت قناعة لدى الشبكة بخصوص الادعاءات المتعلقة بالاعتداءات التي رصدتها، وإن لم تكن ممنهجة، ولا تعبر عن سياسة إرادية للدولة، إلا أنها إدعاءات تثير الكثير من القلق، وتدق ناقوس الخطر حول الهامش من الحرية الذي أطلق منذ ما يسمى “بالربيع العربي“، والذي عرف خروج جزء من الشباب المغربي تحت يافطة حركة “شباب 20 فبراير” وطالبوا بمجموعة من الاصلاحات السياسية والدستورية والاجتماعية والاقتصادية، والتي غلب على مجمل مجزوؤات هذه المطالب سمات ذات صبغة حقوق الانسان كما هي متعارف عليها عالميا وكونيا.

الاعتداء من قبل أفراد، يشكل مصدر أساسي للادعاءات.

بلغ عدد الشكاوى التي توصلت بها الشبكة، بخصوص الاعتداء على الاعلاميين من قبل مجهولين تسعة (9) حالات، وأربع حالات صرح المعنيون بالامر بصفة المعتدي عليهم.

لقد برزت ظاهرة الاعتداء على المدافعات والمدافعين عن حقوق الانسان بشكل عام، والإعلاميات والاعلاميين بشكل خاص، من قبل مجهولين جليا، في أعقاب التظاهرات والاحتجاجات التي واكبت الربيع العربي، حيث أطلق عليهم اسم“البلطجية” في مصر، وغالبا ما يكون هؤلاء الافراد مسخرين من قبل رجال الامن أو يتصرفون من تلقاء ذاتهم لاعتبارات اجتماعية أو سياسية.

وفي كلتا الحالاتين، فإن حماية الإعلاميات والاعلاميين، من مسؤولية الدولة، ومفروظ عليها اتخاذ كافة التدبير والاجراءات لمنع مثل هاته الاعتداءات.

فالدولة ” مسؤولية مباشرة بموجب قانون حقوق الإنسان الدولي بأن تحترم حرية التعبير كما أن الدول تقع أيضاً تحت طائلة الالتزام الإيجابي بأن تتخذ إجراءات فاعلة لحماية حرية التعبير من أي هجمات من أي أطراف ثالثة بما في ذلك ضمان تحقيق المساءلة عن أي هجمات تحدث ضد أولئك الذين يمارسون حقهم في حرية التعبير وكذلك من خلال رفع الوعي حول أهمية حرية التعبير.”

المتابعات القضائية لفرض الرقابة الذاتية:

بلغ عدد الحالات التي تمت فيها متابعة قضائية، منها التي لازلت قيد التحقيق ومنها ما صدر فيها حكم ابتدائي وأخرى نهائي، عشر (10) حالات، والملاحظ في هذه الدعوات القضائية أن جلها صادرة عن أجهزة حكومية تحتل فيها وزارة الداخلية مكانة بارزة جدا.

والملاحظة الثانية والمثيرة للقلق أن السيد رشيد نيني تمت متابعة في جلسة واحدة بثماني قضايا دفعة واحدة، حرك الدعاوي القضائية وزراء ومحامية، وهو ما يجعله في وضع هش في الدفاع عن نفسه، مما ينعكس على شروط المحاكمة العادلة.

فإن الشبكة ترى أن لجوء الأجهزة الحكومية بشكل ألي للقضاء من أجل الانصاف، يدفع لصناعة “رهاب السلطة“ لدى الاعلاميين والاعلاميات وتكريس “رقابة ذاتية” على أرائهم وكتاباتهم، وهو الشيء الذي لا يتماشى مع المعايير والمبادئ الحقوقية، حيث يتسنى للادارة باعتبارها في موقع قوة وتمتلك من المعلومات والاليات ما يسمح لها بتقديم “توضيحات” أو “تصويبات” أو غيرها من وسائل جبر الضرر بناء على مقاربة “حسن النية” للاعلامي.

إن الشبكة تعتبر اللجوء الالي للوزراء للقضاء من أجل تكميم أفواه الاعلاميين، وإن كان إيجابيات في بعض الحالات، إلا أن الحالات المسجلة تثير قلقها على ما يلي:

أن وزراء المغرب لا يفصلون بين منصبهم العمومي وحياتهم الخاصة، فالاعلامي لم يكن ليلجأ لحياة خاصة لشخص معين إلا إذا كان شخصية عمومية؛

القضاء المغربي لازال يشتغل بالادوات القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل التي أصبحت متجاوزة بمنطق دستور 2011، وباعتراف الرأي العام الوطني والدولي بفسادها، وبإقرار من الحكومة المغربية من خلال إطلاقها لورش إصلاح مدونة الصحافة ؛

أن القضايا التي بث فيها القضاء ضد الاعلاميين، لازلت مقيدة بنص القوانين المؤطرة للصحافة المغربية التي تضم عقوبات سالبة للحريات ،ولم تتنقح تماشيا مع روح وسياق دستور 2011؛

التحقيق على إثر نشر خبر للمنع من الوصول للمعلومة

لاحظت الشبكة قاعدة نمطية تعلق باستدعاء الاعلاميين من قبل الاجهزة الامنية للاستماع إليهم على إثر نشرهم لاخبار معينة، وخاصة تلك التي يتم تقديرها على أساس أنها تهدد الامن العام، ، حيث بلغ عدد الحالات المبلغ عنها سبعة (7).

وهذه الظاهرة تعزز الرقابة الذاتية للإعلاميين، خوفا من متابعة قضائية أو عمل انتقامي من قبل جهة ما، وهو مؤشر خطير يترجم التضييق على حرية الرأي والتعبير بشكل عام وحرية الاعلام بشكل خاص.

كما أن مبرر الحفاظ على الامن العام ليس بمصوغ جاد من أجل الاستماع إلى الاعلاميين واستفسارهم حول مصدر خبرهم أو طبيعة وخلفيات هذا الخبر، بل هي مسؤولية الدولة في التقصي والتحري عن ذلك، فمن غير المقبول منح “فرصة للدولة من أجل اتخاذ تدابير، يُستخدَم فيها الأمن الوطني مبرراً لإتاحة مجال لشن اعتداءات مباشرة على وسائط الإعلام الحرة والصحافة التحقيقية والمعارضة السياسية وهيئات رصد حقوق الإنسان والإبلاغ عن حالات انتهاكها.”

الاعتداء من قبل رجال الأمن والإفلات من العقاب

توصلت الشبكة بأربع بلاغات يدعي أصحابها بأنه تم الاعتداء عليهم من قبل رجال الامن على إعلاميين، وذلك أثناء تأدية مهامه.

وتطرح إشكالية الاعتداء على الاعلاميين من قبل رجال الامن، مسألة “الحكامة الامنية“، وفي علاقتها بربط المسؤولية بالمحاسبة، في جميع مستويات القرار الامني.

إذا كان الاعتداء على الاعلاميين لا يتخذ بعدا ممنهجا وذو نطاق واسع، فإن هذه الاشكالية تسائل بقوة فكرة مفادها شيوع سياسة عامة بالبلاد تتمثل في “الافلات من العقاب“.

فإن كانت من التوصيات الوجيهة لتقرير هيئة الانصاف والمصالحة وضع استراتيجية وطنية للحد من الافلات من العقاب، كما تعزز ذلك مع دستور فاتح يوليوز 2011، فإنه على مستوى الممارسة الواقعية، يصعب القول أن هذا المبدأ ممارس في اتجاه المعتدين على نساء ورجال الاعلام والمرتكب من قبل رجال الامن. مما يجعل هذه السياسة متفشية بشكل غير معقول وغير مقبول ، ويحول دون إزدهار الصحافة بالمغرب.

المنع من إنجاز مواد إعلامية

توصلت الشبكة بثلاثة بلاغات تدعي أن السلطات المحلية، بكل من مراكش والرباط و بمركز “تيكوليت” باقليم أزيلال، منعت اعلاميين من إنجاز روبرطاجات أو تحقيقات صحفية.

حالات مفترقة

توصلت الشبكة ببلاغات عن حالات متفرقة وتتعلق ب:

إيقاف إعلاميين أثناء مزاولتهم لمهام وإطلاق سراحهم بعد ذلك، ويتعلق الامر بكل من الاعلامي محمد الطوبي عن موقع أوديسبريس أمام المحكمة الابتدائية بالقنيطرة وذلك أثناء تغطيته حدت تقديم طلبة ابن طفيل العشرة ، بتاريخ 5 نونبر 2014، وإعلامتين بجريدة الاخبار أثناء تغطيتهما لوقفة احتجاجية نظمتها حركة مالي للدفاع عن الحريات الفردية أمام وزارة العدل والحريات بتاريخ 19 ماي 2015.

تعرض الاعلامي عبد المالك العاقل مدير نشر الأسبوعية المحلية “أحداث البوغاز“، لسرقة أغراضه الشخصية من داخل سيارة وذلك بتاريخ 27 يناير 2015، ويشير البلاغ إلى كون السرقة كانت انتقامية بسبب مهامه الاعلامية.

قرر مدير وكالة المغرب العربي للانباء طرد الاعلامية فاطمة الحساني، بادعائه ارتكابها لخطأ جسيم، يتمثل في إدراجها أثناء تغطية ندوة ديبلوماسية ” السفير المالي ضمن قائمة المداخلات بالندوة، عوض السفير الكاميروني“، وذلك بتاريخ 22 يوليوز 2015، وتسجل الشبكة أن هذا الطرد التعسفي مبني على ممارسة الصحفية لحريتها في الرأي والتعبير داخل النقابة الوطنية للصحافة المغربية.

تعرض الاعلامي حسن بنزينة المسؤول عن مكتب القناة الثانية بمراكش للتوقيف والتحقيق معه، وذلك على إثر خلاف شخصي مع رجل أمن، بتاريخ 9 أبريل 2015، وتعتبر الشبكة هذه الممارسات تضييقا على السيد بنزينة واستعمال منحرف للسلطة من قبل رجال الامن، حيث تم استغلال الصفة الامنية لحل هذا النزاع الشخصي.

ثانيا: معطيات كمية

يلاحظ أن:

الانتهاكات الصادرة عن الافراد تحتل المرتبة الاولى ب 31 في المائة متبوعة بالمتابعات القضائية ب 24 في المائة والتحقيق على إثر نشر خبر ب 17 في المائة.

يلاحظ أن الاعلام الاليكتروني يحتل مرتبة أولى من حيث المضايقات ب 60 في المائة متبوع بالاعلام المكتوب ب 27 في المائة وأخير الاعلام السمعي البصري ب 13 في المائة.

يلاحظ 22 في المائة من الإعلاميات تعرضن للانتهاك، في مقابل 78 في المائة من الاعلاميين.

ثالثا: التوصيات

مراجعة القوانين الوطنية المؤطرة لممارسة حرية الصحافة والاعلام بما يتماشى والمعايير الدولية؛

حذف جميع العقوبات السالبة للحريات من مشروع مدونة الصحافة؛

حماية الاعلاميات والاعلاميين من الاعتداء مهما كان مصدرها، ومسؤولية أمنهم تقع على عاتق السلطات العمومية من خلال ضمان ظروف وأجواء مناسبة لممارسة مهامهم؛

دعوة المسؤولين الحكوميين إلى اعتبار اللجوء للقضاء حل استثنائيا من أجل رد الاعتبار إليه في حالة المساس بصفتهم الشخية، واللجوء الى أليات “التصويب” و“التوضيح” والتكذيب” وفق ما يقتضيه القانون؛

إعتبار الحق في الوصل للمعلومة، حقا أصليا ولا يحق لاي أحد بمنعها أوتقييدها إلا بما يتلائم وروح ومنطوق دستور 2011، ومع التأكيد على حماية المعطيات الشخصية للافراد، وحماية مصادر خبر الاعلامي؛

ربط المسؤولية بالمحاسبة، ومتابعة كل مسؤول أمني، وفق تراتبية القرار الامني في حالة الاعتداء أو السب لاعلامي أثناء تأدية مهامه؛

مراجعة القانون المنظم لوكالة المغرب العربي للانباء، حتى لا تسمح لمدرئها الموظيفن بمال العام المواطنين، يتغولون في ممارسة سلطاتهم ويصل بهم الامر ضرب بعرض الحائط للالتزام السياسي لوزير الاتصال، وعدم المبالاة للنقابات والجمعيات الجادة.

القطع مع السياسة الانتقائية والانتقامية إزاء الاعلاميين.

Print Friendly, PDF & Email
Author profile

 مرحبًا بك في موقعنا الإخباري المثير  " أيقونة بريس" ، حيث يتلاقى الحدث بالتحليل، والتقارير بالشغف. نحن هنا على مدار الساعة، جاهزون لنقدم لك أحدث الأخبار الوطنية والدولية، وليس فقط ذلك، بل نغوص أيضًا في عوالم الرياضة، الثقافة، والاقتصاد.

فريقنا المكون من صحفيين محنكين ليسوا فقط خبراء في مجال الإعلام، بل هم أيضًا روّاد في فن السرد. نحن نقوم بتحليل القضايا بشكل شيق ومثير، لنقدم لك تفاصيل لا تجدها في أماكن أخرى.