المغرب -الولايات المتحدة شراكة إستراتيجية واقتصادية

©أيقونة بريس: يوسف_سلموني_زرهوني : عضو نادي القضاة //

زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا دافيد شينكر إلى الجزائر و المغرب ليست بالزيارة البروتوكولية العادية، فهذا المسؤول الديبلوماسي كان يعمل في السابق في مكتب وزير الدفاع كمدير شؤون دول المشرق والمساعد الأعلى في سياسة البنتاغون الخاصة بدول المشرق العربي.

وكان مسؤولاً في هذا المنصب عن تقديم المشورة إلى وزير الدفاع وكبار قادة البنتاغون حول الشؤون السياسية والعسكرية لسوريا ولبنان والأردن والأراضي الفلسطينية. كما أنه يتقن اللغة العربية ويعمل كخبير داخلي في المعهد في مجال السياسة العربية. و الرسائل التي تحملها زيارته تتمثل في ما يلي:
أولا: أن إدارة ترامب و رغم أنها على بعد أيام قليلة من انتهاء مهامها في تسيير السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية إلا أنها تصر على إرسال مسؤول ديبلوماسي رفيع المستوى إلى المغرب و الجزائر.
ثانيا: أن هذه الزيارة تؤكد على أن الإلتزام بالإعتراف بمغربية الصحراء هو التزام دولة و ليس التزام إدارة ترامب فقط، و بالتالي فإن مؤسسات الدولة الأمريكية تضمن له استمراره و الدفاع عنه داخليا و خارجيا.
ثالثا: أن الزيارة حملت رسائل واضحة لحكومة الجنرالات الجزائرية بأن هناك خطوط حمر لا يمكن تجاوزها في استفزاز المغرب، و أنه ينبغي ضمان الإستقرار و الأمن للمنطقة.
ثالثا: أن افتتاح القنصلية الأمريكية بمدينة الداخلة يؤكد بأن الهدف الأساسي منها هو تعزيز التعاون مع باقي البلدان الإفريقية جنوب الصحراء، و أن كل مس بمعبر الكركرات هو مس مباشر بالمصالح الأمريكية و التي لا يمكنها أن تقبل بتهديد استثماراتها بالجنوب المغربي و التي ستبلغ 5 ملايير دولار إضافة إلى الإستثمارات الخليجية المرتقبة.
رابعا: أن موريتانيا المتأرجحة حسب مصالحها بين المغرب و الجزائر تدرك الآن بأن عليها أن تلتحق بقطار التنمية المغربي و إلا خسرت الموعد مع التاريخ و مع فرصة نادرة لإقلاع اقتصادي بهذا البلد و الذي يعاني بشدة من مشاكل اقتصادية مستفحلة لا يمكن للجزائر العاجزة بدورها أن تساعدها بأي شكل من الأشكال.
خامسا: أن باقي الدول الإفريقية أصبحت تدرك أن طريق التنمية يمر عبر المغرب و ليس عبر الجزائر، و أنها ستلج إلى السوق الأمريكية و الأوربية بشراكة مع المغرب في إطار مبادرة رابح رابح.
سادسا: أن ميزان القوى الإقتصادي و العسكري سيتحول مع الوقت من جنوب إفريقيا إلى المغرب و الذي ينتظر أن يلعب أدورا هامة على مستوى القارة الإفريقية.
سابعا: أن الضغط الفرنسي و الإسباني على مصالح المغرب سينخفض بشكل ملموس بعد هذا الإختراق الجيوستراتيجي مع الحليف الأمريكي، و سيدركان أن عليهما مراعاة و حماية المصالح المغربية تحت طائلة استحواذ الأمريكيين على ما تبقى من نفوذ البلدين.
إن افتتاح القنصلية الأمريكية اليوم – و لو افتراضيا في انتظار استكمال أشغال بناءها – يعتبر حدثا هاما في تاريخ الصراع المفروض على المغرب و حدثا هاما في الشراكة الإستراتيجية الجديدة مع الحليف الأمريكي الذي انتبه إلى أن النفوذ الصيني المتعاظم في المملكة و بذلك حاول تقديم بديل يرضي المغرب لإعادة التوازن إلى هذه المنطقة الحساسة بالنسبة للمصالح الأمريكية. و قد تم كل ذلك بفضل الحنكة السياسية و الديبلوماسية لصاحب الجلالة نصره الله و الذي كان له الفضل في الوصول إلى هذه المنعطف التاريخي الحاسم.

Print Friendly, PDF & Email