أزمة الهجرة غير الشرعية في المغرب: أسبابها وتداعياتها على الشباب والاقتصاد
©ايقونة : هشام العصادي//
22/09/2024
شهدت الحدود المغربية مع سبتة المحتلة مؤخرًا أحداثًا غير مسبوقة، حيث حاول آلاف الشباب المغربي عبور الحدود بشكل غير شرعي.
هذه الأحداث كشفت عن أزمة عميقة في المجتمع المغربي، تتمثل في ارتفاع معدلات البطالة، وتردي الأوضاع الاقتصادية، وانعدام الآفاق المستقبلية، مما دفع بالشباب إلى المخاطرة بحياتهم بحثًا عن حياة أفضل.
من يدفع الشباب للمغامرة بحياتهم:
ما الذي يجعل شبابنا يغامر بحياته بحثا عن الهجرة غير الشرعية؟ هو سؤال تبادر إلى أذهاننا ونحن نرى بالصوت والصورة مشاهد مثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، تصدرت “التراند المغربي “
حيث شهدت الحدود الفاصلة بين مدينة الفنيدق وبين سبتة المحتلة نهاية الأسبوع الماضي إستنفارا أمنيا كبيرا سخرت له الدولة كل إمكانياتها من شرطة ودرك ملكي وقوات مساعدة لتأمين المنافذ البحرية المؤدية إلى سبتة المحتلة،
●تأثير وسائل التواصل الاجتماعي: تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا في تشجيع الشباب على الهجرة غير الشرعية، من خلال نشر قصص نجاح مهاجرين، وتضخيم الصورة الإيجابية للحياة في الخارج.
بسبب دعوات مجهولة المصدر بـ “الحريك الجماعي” التي إنتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي باتت تعرف ب 159/ حيث توافد على الفنيدق مئات بل الألاف من الشباب والقاصرين من مختلف بقاع المغرب،
والذين يحذوهم الأمل في الهجرة للضفة الأخرى من أجل مستقبل مشرق، فهل تؤثر هجرة الشباب والبطالة على السياسة المغربية؟ وكيف ذلك ؟
رد الفعل السياسي للحكومة:
وردًا على أحداث الفنيدق، جاء ردّ الفعل السياسي للحكومة المغربية متأخرًا وغير مقنع، حيث اكتفت بتوجيه الاتهامات إلى جهات مجهولة دون تقديم حلول عملية.
هذا الصمت الحكومي زاد من حالة اليأس والإحباط لدى الشباب، خاصة الفئة التي لا تعليم لديها ولا شغل ولا تكوين مهني، والتي تشكل نسبة كبيرة من الشباب المغربي.
إن مثل هذه الأحداث تعكس فشل السياسات الحكومية في تلبية طموحات الشباب وتوفير فرص عمل لهم، مما يدفعهم إلى المخاطرة بحياتهم بحثًا عن مستقبل أفضل.
التحدّيات الاقتصادية : البطالة والتضخم:
●البطالة: يعاني المغرب من معدلات بطالة مرتفعة، خاصة بين الشباب، مما يحد من فرصهم في تحقيق الاستقرار المادي والمعيشي.
و في قراءة تحليلية لهذه الظاهرة فإن من بين الأسباب الرئيسية هي توالي الأزمات الاقتصادية بفعل عوامل عمّقتا، تتعلق بفشل التوجهات السياسية للحكومات المتعاقبة، وانتشار الرشوة والمحسوبية والزبونية التي تعيق الاستثمار الاجنبي،
وإرتفاع مستوى البطالة في المغرب في أوساط الشباب وخرّيجي المدارس والجامعات وإنسداد أفق التشغيل العمومي وعدم قدرة القطاع الخاص على إمتصاص البطالة بين الشباب بإعتبارها قضية متزايدة تحتاج الحكومة إلى معالجتها بشكل عاجل،
● التفاوت الاجتماعي: التفاوت الكبير في توزيع الثروة والفرص بين مختلف فئات المجتمع يزيد من الشعور بالإحباط واليأس لدى الشباب.
إضافة الى نمو نسبة التضخم في ظل الحكومة الحالية حيث لهيب الأسعار برز في الأفق ، ما أدّى إلى ارتفاع وغلاء القدرة الشرائية للمواطنين.
ردود الفعل السياسية والدعوات للإصلاح:
في هذا الوضع نادت العديد من الهيئات السياسية وخصوصا المعارضة، إلى ضرورة إتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لمعالجة الأسباب التي دفعت هؤلاء الشباب إلى الهجرة غير الشرعية الاضطرارية،
وكان ردّ حزب الحركة الشعبية عبر أحد أعضائه البارزين الذي دعا الى سن الإجرءات المستعجلة المتخدة للكشف عن حقيقة ما وقع في الفنيدق،
وحول البدائل لسياسات عمومية جديدة لضمان الإدماج الإيجابي والفعلي للشباب في مختلف مناحي الحياة العامّة وخيار النموذج التنموي الجديد.
وفي نفس السياق حذرت منظمة شبيبة العدالة والتنمية من خطورة ما آلت إليه الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالمغرب،
والتي تؤسس لحالة النفور وعدم الاهتمام المطلق لعدد كبير من قوى المجتمع، وفي مقدمتهم فئة الشباب، بالسياسة والحياة السياسية والمشاركة في الشأن العام،
وقالت إن هذا العزوف من شأنه المس بمنسوب الثقة في مؤسسات الدولة وفي قدرتها على معالجة الإشكالات والتحديات التي تواجه المواطنين في مقدمتهم الشباب.
●مكافحة الفساد: كما دعت إلى القطع مع هيمنة الريع والفساد والاحتكار والتواطؤ وكل مظاهر تنزيل وصفة زواج المال بالسلطة والتي أنتجت حكومة تقنية فاقدة للسند الشعبي، مبتعدة كل البعد عن همومه،
●تعزيز الحوار الاجتماعي: بدوره أكد حزبَ التقدم والاشتراكية على أن بلادنا، رغم كل المكتسبات التي حققتها، فإنها في حاجة إلى مزيدٍ من توفير شروط العيش الكريم للجميع،
وتحرير طاقات كافة بناتها وأبنائها في كل ربوع الوطن، وإلى إستعادة الثقة، وإلى مصداقية المؤسسات، وإلى مُصالحة الشباب مع الشأن العام، وإلى توسيع فضاء الحريات والديموقراطية، وإلى تصحيح المسار الاقتصادي وتقوية القدرات الإنتاجية،
●خلق فرص الشغل: يجب على الحكومة التركيز على خلق فرص لترويج الشغل للشباب، من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الاستثمار.
وإلى خلق فرص الشغل اللائق، وإلى توفير شروط تعليمٍ جيد ونظامٍ صحي ناجع، وإلى إقرار العدالة الاجتماعية والإنصاف المجالي، وإلى التوزيع المتكافئ للثروات الوطنية .
وهذه كلها دعوات لوضع وتبني إستراتيجية وطنية واضحة لمعالجة تحديات الشباب.
كما يرى متتبعون للشأن السياسي الوطني ، بأنه من المتوقع أن يكون النقاش السياسي القادم مُنصبّـا حول أوضاع الشباب في البلاد وسيشكل موضوعًا مركزيًا في المناقشات البرلمانية المستقبلية خصوصا ونحن على مشارف إفتتاح الدورة التشريعية الخريفية خلال أسابيع قليلة ( في 10 من أكتوبر)،
ولايفوتنا التذكير بأن اشكالية الهجرة الدولية للشباب المغربي هي نتاج تشكل قضايا اجتماعية أعمق تدفع بالشباب للبحث عن حياة أفضل في الخارج.
الخاتمة :
“أحداث الفنيدق” والتي أطلق عليها رواد مواقع التواصل الاجتماعي بليلة” الهروب الجماعي” تستدعي من كل الفاعلين والمسؤولين على تدبير السياسات الحكومية فتحُ نقاش مع ممثلي الأمة،
من أجل تدارس كل العوامل والبحث عن الحلول ، والأكيد الجميع يعرف أن الحل يكمن في :
إلزامية التعليم وتوسيع مدارس الفرصة الثانية، وتحسين برامج التشغيل، وتشجيع الشباب على ولوج إنشاء المقاولة، من أجل خلق رأسمال بشري منتج.
وكذلك العمل على مصالحة الشباب مع الشأن العام، ولن يأتي هذا سوى باحترام توفير الحريات والديموقراطية،
الكلمات الرئيسية:
#هجرة_غير_شرعية #المغرب #شباب #اقتصاد #أزمة